بعد إطلالة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل امس وما تضمنته من مواقف واستدرجته من ردات فعل عنيفة من مرجعيات اساسية في الصف الممانع و من الشركاء الألداء المفترضين ، قبل الردات المتوقعة من الصف المعارض للعهد ، بعد هذه الاطلالة يمكن الجزم بأن كل السبل السياسية والدستورية التي يتعين سلوكها من اجل تشكيل حكومة قد نسفت .
فطروحات باسيل كانت من الصنف الذي يحتاج الى نسف الطائف و إعادة صياغة دستور جديد، غير متاح البحث فيه الان، و الدولة غير قادرة على تعيين مأمور احراج أو تشكيل شرطي بلدي من دون أن تصل الى شفير الحرب. الأكثر التباسا في موقف باسيل كان الإيحاء بأنه يتكلم باسم كل المسيحيين، ما أدى الى اعتراض قسم وازن منهم وفي مقدمهم البطريرك الراعي، اقله في عظته التي سبقت الإطلالة بدقائق . فهؤلاء لا يرون في الأسد ونظامه ما يراه باسيل من فضائل، ولا يرون في إيران وحزب الله مشروع الدولة التي اليها يطمحون، إضافة الى انهم يسعون الى رعاية دولية لتثبيت مشروع الدولة وحيادها و تذويب الدويلة في بوتقته وليس العكس، وهذا فقط يعيد اليهم حقوقهم .
والخطير في التشققات التي احدثها باسيل مسيحيا ووطنيا أنها ليست من الصنف الذي يمكن حله بانتخابات نيابية ، مبكرة كانت أم في موعدها، تعيد إنتاج السلطة ، لأن ما طرحه يفترض تغيير النظام قبل الانتخابات.
توازيا ، لبنان الذي يتخبط في أزمات اقتصادية ومالية وصحية قاتلة وارتفاع جنوني في سعر الدولار ، يسعى شعبه، وخصوصا أهالي ضحايا انفجار المرفأ ، الى ابتلاع قرار تطيير القاضي صوان وهضم تعيين القاضي طارق بيطار محققا عدليا بديلا ، والصعوبة لا تكمن في إسمي الرجلين ، بل في الشكوك المتعاظمة والمبررة في نيات المنظومة السياسية حرف التحقيق وحماية المجرمين والمتورطين، ما يشل أي دور للقاضي مهما كان نزيها .
القاضي بيطار الذي شعر بأحقية رفضه تولي التحقيق في السابق ، بذل جهدا اليوم لإقناع أهالي الضحايا، الذين منحوه ثلاثة أسابيع لجلاء الحقيقة ، ووعد بأنه لن يتراجع أمام الضغوط وسيكون شفافا وحاسما وسيصل بمهمته الى خواتيمها المرجوة .. قولوا انشالله .