بعدما دخل كلام البطريرك عميقا في القلوب وحرك صورة الوطن المغيَّب في وجدان الأحرار التواقين الى لبنان الأفضل، لا بد لمحبيه ولمعارضيه من قراءة معمقة في مضامينه.
الى معارضيه قال: لقد حررنا الأرض، وهنا عنى بأن لبنانيين حرروها من الإحتلالين الفلسطيني عام 1982، والسوري في 26 نيسان 2005 وسلموا سلاحهم الى الدولة. فيما حرر لبنانيون الأرض من الإحتلال الإسرائيلي في 25 أيار من عام 2000، لكنهم احتفظوا بسلاحهم.
هنا أراد البطريرك توجيه رسالة الى الفريق الذي لا يزال يحتفظ بسلاحه فحواها: أن كل مقاومة تحتفظ بسلاحها بعد التحرير، تتحول في الحد الأدنى الى حال انقلابية قهرية، وفي الحد الأقصى الى احتلال. وما دعوة البطريرك الى مؤتمر دولي ورعاية دولية إلا نتيجة شعور عميق تكون لديه، بأن التعطيل ومنع تشكيل حكومة يصبان في منحى انقلابي مكتوم يتحصن بهذا السلاح.
وفي السياق أراد البطريرك إسماع الكنة غير المسلحة التي تغطي الفعل الإنقلابي، وتتماهى معه لغايات سياسية شخصية وآنية، وتغطيه بردائها الشرعي والطائفي، بأن ما تقوم به خطير ومدمر للكيان.
في المقابل لم يوفر البطريرك المريدين الذين صعدوا أمس الى بكركي، إذ قال لهم: “لقد تعاطفت معكم وتبنيت طروحاتكم ورسمت لكم خريطة الطريق الى الخلاص وضبطت البوصلة، ومن هون وبالطالع، إن لم تتوحدوا وتتأطروا وتضعوا الخطة التنفيذية، تكونون شركاء لا إراديين للمنظومة، وإذا نظمتم صفوفكم، فإني سأحمل صوتكم الى كل العواصم والمحافل والمنابر تحقيقا للمشروع الإنقاذي المنشود”.
أما للشخصيات المشككة بنيات البطريرك والتي عرضت خدماتها لتغطية الشواذ، ومن بينها للأسف من هم في رتب عليا مدنية ودينية، فهي تعرف بأن كلامها مردود ولا يشكل تأشيرة صالحة ولا أوراق اعتماد مشرفة الى اي موقع أو حظوة، بل يثير الاستهجان والأسف، فالبطريرك لا يخون بل يواجه بالمنطق والحجة والبرهان.
في اليوميات، لا جديد على صعيد تشكيل الحكومة، والوضعان المالي والاقتصادي الى مزيد من التدهور، أما في الشأن الصحي فالتخبط والبطء في إيصال اللقاحات والتعجل الفوضوي في تخفيف الإقفال، فيما نسبة الإصابات اليومية مرتفعة والمستشفيات تغص بالمرضى، ينذران بانتشار مخيف وخطر للفيروس.