بين الإعدام الفوري للشعب والموت البطيء ، فضلت المنظومة اعتماد الخيار الثاني. نعم من أموال الخزينة وفلوس الأرامل، قرر نواب الأكثرية وبعدما أفرغت الخزينة، تسليف كهرباء لبنان مئتي مليون دولار لزوم إطعام الثقب الأسود، بما يؤمن نظريا شهرين ونصف الشهر نورا متقطعا، لكنه وبالتأكيد سيقضي عمليا على ما تبقى من مدخرات اللبنانيين في خزائن مصرف لبنان.
هذه المسخرة اليوم لم تكن آخر ما نزل كالصاعقة على اللبنانيين الجياع التائهين على أبواب السوبرماكت ومحطات الوقود وأبواب المستشفيات، بل أتبعها وزير المالية بإعلانه لوكالة بلومبرغ، بأن الحكومة في صدد التقليص التدريجي للدعم على المواد الغذائية ورفع اسعار البنزين لإنقاذ الاحتياطات المتضائلة للعملات الأجنبية في خزائن الدولة.
وسارع وزني الى التأكيد بأن هذه الإحتياطات قد تكفي لمدة شهرين أو ثلاثة. في هذه العجالة تتسارع الأسئلة المحرقة: هل اعتقال الصرافين وملاحقة منصات تسعير العملة هما الحل، أم الحل يكون في ملاحقة المنظومة المجرمة وسجن افرادها؟. هل الناس التائهون الغاضبون الجائعون هم من يتسببون في التوتر والإخلال بالأمن، أم سلوك المنظومة كل الطرق الملتوية لعدم تشكيل حكومة المهمة هو سبب الخراب الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمالي والأمني؟. هل يعرف أهل المنظومة، نعم يعرفون، أنهم إن لم يعجلوا في تشكيل الحكومة في غضون اربعة أيام أو خمسة فإن البلاد ستنهار، وسيستعصي وقف الانهيار، الذي سيأخذ أشكالا متعددة، على أي حل مهما كان جديا وعلميا وعمليا؟.
في السياق، أبواب تشكيل الحكومة موصدة بإحكام في وجه الوساطات المحلية وتلك المدعومة أوروبيا وفرنسيا، بحيث لم يبق إلا بصيص أمل وحيد قد ينبعث من روسياالتي استقبلت وفدا من حزب الله. وإذ يأمل المتابعون، بأن تكون موسكو التي تلتقي والحزب على شخص الرئيس الحريري، قد أقنعته بممارسة مونة ضاغطة على حليفه الرئيس عون كي يطريها ويخفف شروطه المسكوبية بما يسهل عملية التشكيل. والمعلومات تشير الى أن الروس يطرحون ثلاثة أسئلة لا بد أن تجيب عنهما الأيام القليلة المقبلة: الأول، هل الحزب جدي في تشكيل الحكومة أم هو يتلطى وراء عناد الرئيس عون ؟. والثاني، هل يعي الرئيس عون أن عليه أن يتلقف الفرصة الزائلة كي تبقى له جمهورية يبنيها كما وعد دائما. الثالث، وهل يقتنع عون وحزب الله بأن البحث عن حكومة أجدى وافضل وأعقل واسهل من البحث عن دولة