فصح مجيد، بدلا من تهنئة العمال الجياع المرضى العاطلين من العمل بعيد العمل، كان أحرى بالمنظومة المتحكمة بلقمة عيش العمال، أن تصمت وتطأطىء الرأس خجلا منهم، وهي تعلم أن عيديتهم الأثمن هي رحيلها.
فما فعلتموه بعمالكم يا أهل المنظومة لم يفعله العثمانيون زمن سفر برلك، يوم نقلوا رجالنا في قطارات الذل وقوافل القهر إلى السخرة والموت. ما فعلتموه لم يفعله هتلر بعمال الدول التي احتلها وقهرها، ولا ننسى في العجالة أن العثماني غريب محتل، والنازي غريب محتل، صحيح أن ظلم ذوي القربى أشد وأمر.
الواقع الكارثي المأزوم وغياب الحلول، لغياب الرجال لا لإستحالة إيجادها، ينقلنا الى حضرة الرب المنتصر على الموت، فنضرع إليه أن يرسل مع شعلة نوره الآتية إلينا من القبر المقدس، بصيص ضوء خلاصي للبنانيين المقهورين ونارا تحرق الظالمين.
أرضيا، يصل وزير خارجية فرنسا إلى بيروت الأسبوع المقبل، ملوحا للمنظومة بالعقوبات عله بتهديدهم في مصالحهم الشخصية وأموالهم وأسفارهم، لا بكراماتهم المفقودة، عساه يدفعهم الى تشكيل حكومة، تنقذ ما يمكن إنقاذه من السفينة اللبنانية الغائرة الى الأعماق، لكن نقطة الضعف الفرنسية أن أوروبا لا تجاريها في هذه الخطوة حتى الساعة.
داخليا، رجال المنظومة لا يحرقهم ما يحرق القريب والغريب ويقلقهما على لبنان، وهم يواصلون مخلصين الى أنانياتهم وجشعهم، تناتشهم المقاعد المشلعة وسراب المواقع والحكم والسلطة، ويسوقون مطالعات دفاعية كل عن نفسه، ويرمون في إعلامهم سيناريوهات إفتراضية عن صيغة حكومية جديدة قد ترى النور بدفع من موسكو وفرنسا. ولا يتورعون عن توريط البطريرك في متاهة مسعى افتراضي للتقريب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وسط الأجواء المرضية، وعلى مسافة شهر من انتهاء سياسة دعم السلع الأساسية التي ستسقط البلاد عمليا بين فكي الجوع والمرض والانهيار الاقتصادي، يستعد لبنان لمعاودة مفاوضات الترسيم مع إسرائيل من حيث توقفت في كانون الماضي، ويستقبل للغاية الوفد الأميركي الوسيط، مطلع الأسبوع المقبل.