الفطر السعيد حل، لكن الصوم القسري متواصل لأن مصير الناس الذين ضربهم سيف الفقر والجوع، لا يتعلق بروزنامة أو مناسبة دينية، بل يتعلق بأمزجة رجال المنظومة المتحكمة بالعباد.
فالتجويع بالنسبة لهؤلاء هو جزء من سياسة تركيع وتطويع اللبنانيين، ولا تفسير آخر لأدائهم وتصرفاتهم. فهم يعرفون ألا خلاص من الكارثة التي نحن فيها، إلا بتشكيل حكومة، لكنهم يمتنعون. ولا خلاص إن لم تكن حكومة اختصاصيين غير حزبيين، لكنهم يمعنون في عنادهم ويمتنعون.
أسوأ من ذلك، هم يسوقون الآن لتنحي الرئيس المكلف، ساعة لعجزه عن التشكيل وساعة لعدم رغبته في ذلك، وساعة لأن واشنطن وباريس والرياض، وبقبول شخصي منه، تدفع بهذا الاتجاه وتسعى الى تكليف الرئيس ميقاتي مهمة تجرع سم التكليف المحرج المرفوض سنيا، ومر التشكيل المستحيل.
كل هذه العبثية والبلاد تنهار، وقوافل الشحادة والذل تفيض سلاسل مهينة لشعب ما تعود الهوان، وسط إجماع علمي بأن ساعات لبنان كدولة باتت معدودة، إن لم يتم تشكيل الحكومة سريعا وخلال ساعات.
دولة أخرى تهتز أركانها ويترنح كيانها، ولكن لأسباب اخرى طبعا، عنينا إسرائيل. فتعاليها وعجرفتها وعنصريتها وامتناعها عن إعطاء الشعب الفلسطيني حقه، دفعت الشعب الأبي المقاوم الى تلقينها درسا عسكريا قاسيا. المحرج فيه والخطر، أنها إن خسرت معركتها في غزة تكون قد خسرت هيبتها، وإن ربحتها فسيكون الثمن مجزرة موصوفة، بل جريمة ضد الإنسانية لأنها تنتصر على حفنة مقاومين يواجهونها بلحومهم الحية، وعلى مئات الأطفال والنساء، وبإحداث دمار زلزالي شامل، وإن هادنت اعترفت بشرعية الانتفاضة ومن يمثلها.
في كل الحالات، وكما بعد كل مواجهة تستفيق اسرائيل لتجد نفسها وقد خطت أميالا نحو حتفها وزوالها، ومعها يؤكد العالم الصامت عن المجزرة شراكته في الجريمة.