وعشرون عاما مر على تحرير جنوب لبنان من الإحتلال الإسرائيلي، وتاريخ الخامس والعشرين من أيار يستدرج في قلوب كل اللبنانيين فخرا، مشوبا بالكثير من التساؤلات التي بقيت وستبقى بلا أجوبة، لعل أهمها: لماذا لم يصرف هذا الإنتصار لتعزيز مشروع الدولة، لماذا لم يهد “حزب الله” الإنتصار إلى كل اللبنانيين، تماما كما فعل قبله من أخرجوا الفلسطيني والسوري.
ألم يحول زج الحزب سلاحه ورجاله في كل صراعات المنطقة وجهره بالإرتباط بإيران، ألم يحول التحرير إلى عمل عبثي، وكأن من حققوه أناس وجدوا فقط لحمل السلاح ولا يملكون أي مشروع بناء مكمل لفعل الحرب والإنتصار؟. لماذا فرمل التحرير عند مزارع شبعا ولأسباب لا تقنع أحدا، حتى أعتى مفكري الحزب وإعلامييه عجزوا عن الدفاع عنها وتسويقها. والسؤال الأكثر حرقة، ألم يحول هذا التصرف المتمادي للحزب الدولة الى دويلة، والمقاومة إلى قوة انقلابية تأسر لبنان؟.
بلى، لقد تحول لبنان من جراء هذا التصرف الى دولة مسلوبة الإرادة، لا تملك لا سياسة خارجية، ولا قرار السلم والحرب، ولا استراتيجية دفاعية يمليها أمنها القومي. ترجمة هذا الواقع تظهر جلية في خسارة لبنان أصدقاءه، وفي تدهور وضعه المالي والاقتصادي وملامسة شعبه حافة المجاعة، ومؤسساته عتبة التفكك والانهيار، وفي استسهال التطاول على الدستور وضرب كل الاستحقاقات وتعطيلها وتشويهها.
في ظل هذه الأجواء، تتوالى محاولات تشكيل الحكومة وتتوالى معها الحروب والسجالات، وليس آخرها رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي، وما تلاها من اشتباكات كلامية وتلويح باستقالات نواب، الأمر الذي أضعف إمكان نجاح أي مبادرة توفيقية لتسهيل التشكيل، خصوصا المبادرة المفترضة التي قيل إن الرئيس بري في صدد إطلاقها بتناغم مع البطريرك الراعي.
في سياق الأزمة الخانقة، انتصر الاتحاد العمالي العام على خموله، ودعا أخيرا الى إضراب عام الأربعاء، A LA CARTE يأمل منظموه أن يكون فعالا وجديا وشاملا، بحيث يرسل إشارة إستغاثة أخيرة قبل أن ترتطم التيتانيك اللبنانية بجبال الأزمات، وتهوي الى القعر.