مقدمة بثقة عالية وبكثير من الأمل تتحدث الأوساط السياسية، ويشاركها الإعلام، عن سلوك معضلة تشكيل الحكومة طريقا إيجابيا، قد يفضي الى ولادتها ضمن مهلة الأسبوعين التي تحدث عنها السيد حسن نصرالله، وعلى القاعدة التي وضعها الرئيس بري بتناغم مع البطريرك الراعي.
و يتحدث المتفائلون عن أنه لم يبق للحل غير عقدة الوزيرين المسيحيين من خارج حصص الأحزاب، ولتحقيق الخرق، تقوم وساطات متزامنة يتولاها الرئيس بري على خط القيادات السنية وخصوصا نادي رؤساء الحكومات السابقين لتليين مواقفهم ولحضهم على إقناع الرئيس الحريري، كما يتولى حزب الله والنائب على حسن خليل مهمة تدوير الزوايا مع النائب جبران باسيل.
وإذا جرت الرياح بما تشتهيه سفن الطباخين، عندها يصعد الرئيس المكلف، الذي سيعود على عجل من الخارج، الى بعبدا حاملا مغلفه الشهير الذي سيتضمن هذه المرة مروحة عريضة ومنوعة من الأسماء المقبولة المرشحة للتوزير فيجري انتقاء المناسبين من بينهم لملء المقاعد الأربعة والعشرين غني عن القول إن الاتفاق على هذه التركيبة الحكومية إن حصل، فسيأتي حتما على حساب كل المعايير التي وضعتها فرنسا، وذلك بسبب العناد المخرب الذي يحتل رؤوس قادة المنظومة والذي أودى بالبلاد الى الدمارالشامل. فبعدما كان الشرط الأساسي للتشكيل احترام المعايير التقنية والانسانية المعروفة ، رضيت فرنسا ورضي العالم كله معها بحكومة على اللبناني، ولسان حال الجميع، إنقاذ ما تبقى من الدولة.
من هنا بات الخوف شرعيا على أن تأتي الحكومة العتيدة على شاكلة الحالية، سياسية تابعة مطيفة وبلا برنامج، وعندها لا ينفع الندم و البكاء وصرير الأسنان. وفي إطار الضغط المعنوي العالي على القيادات للتعجيل في التأليف تجنبا للإرتطام الأخير بالقعر، استخدم قداسة البابا في برقية وجهها الى رئيس الجمهورية اعلى درجات الرمزية الضاربة في عمق التعليم المسيحي فكتب: إن الشر والموت لا يمكن أن تكون لهما الكلمة النهائية في مسار الحياة “، والإيمان بالقيامة يضع في قلوبنا قوة الارتداد من أجل بناء عالم افضل متجنبا استخدام تعبير لبنان أفضل، لكن الواضح أن البابا أراد النصح بالابتعاد عن معتنقي العدمية نهجا.
اضاف قداسته، ” أصلي لكي يدعم روح الحكمة رئيس الجمهورية ومعاونيه ويضيء لهم سبل قيادة لبنان على دروب السلام والهناء”. نعم لقد تعمد البابا الحديث عن الحكمة لا القوة، لأنه واثق من أنها تعوزنا كثيرا. توازيا، النموذج المؤسساتي المضيء الباقي لبنانيا، أي الجيش، يتلقى الثناء الدولي، وقد سمع قائده العماد جوزيف عون من الدولة الفرنسية كل الاستعداد والجاهزية لدعم الجيش وتأمين كل احتياجاته، بما هو حجر الأساس وشبكة الأمان الأخيرة التي تحمي لبنان من السقوط والضياع.