السم الذي أجل تجرعه مرات ومرات، صار امرا واقعا.
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ابلغ المجلس الاعلى للدفاع عدم قدرته بعد اليوم على دعم المحروقات وفتح اي اعتمادات جديدة، ما يعني ان قرار رفع الدعم اصبح قريبا وقريبا جدا.
فمن الفدائي او الفدائيون الذي سيتجرأون على اصدار القرار؟ وهل حكومة تصريف الاعمال بوزرائها المستقيلين في هذا الوارد؟ ام انها تفضل ان تبقي في اذهان اللبنانين ولو ذكرى واحدة جيدة؟
بالتوازي عملية تشكيل الحكومة الجديدة لا تزال تصطدم بالجدران المسدودة، وبالمطالب والمطالب المضادة.
ومع ان رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اعلن بعد مغاردته قصر بعبدا اليوم ان الامور تسير بالمسار الصحيح، لكن كل المعلومات تتقاطع عند التأكيد ان العقد لا تزال اياها، وابرزها من سيسمي وزير الداخلية، وهل سيسير ميقاتي بعملية التدقيق الجنائي ام لا ؟
وفي المعلومات فان الخلاف لا يزال محتدما حول الموضوعين، من دون ان يظهر في الافق ما يشير الى مشاريع حلول او اي تدوير للزوايا.
كل هذا يحصل فيما البلد يعيش حالة كارثية بكل معنى الكلمة، وفيما الانهيارات التامة الشاملة تهدد معظم القطاعات، وطوابير الذل تتنقل بين المحطات والصيدليات والمستشفيات، وربما الافران غدا.
فماذا ينفع رئيس الجمهورية اذا ربح وزارة من هنا ووزيرا من هناك وخسر البلد؟ وماذا ينفع رئيس الحكومة ان يربح معركة الصلاحيات فيما لبنان على طريق ان يصبح بلدا منتهية صلاحيته وغير صالح لا للعيش ولا للاستمرار؟
برلمانيا: نبيه بري يستعد لعقد جلسة العار غدا رغم المقاطعة النيابية الواسعة ، ورغم الرفض الشعبي لها.
والمقاطعون والرافضون على حق ، لأن الجلسة تشكل بالنسبة اليهم ضربة قاتلة للتحقيق العدلي الذي يتولاه القاضي طارق البيطار.
فلماذا يتهرب بعض الكتل النيابية وعدد من النواب، من مسار التحقيق العدلي؟ ولماذا استفاقوا الآن على اهمية ايلاء البرلمان صلاحية التحقيق في جريمة العصر؟ لماذا لم يستفيقوا، قبل سنة مثلا، عندما حصل الانفجا؟
السبب بسيط وواضح: كل هذه الاطراف السياسية اعتقدت ان اي قاض لبناني لن يتجرأ ويمس بالمحرمات والاصنام السياسية والامنية ، وان الاتهامات لن توجه الا الى صغار الموظفين.
لكن التوقعات هذه خابت ففادي صوان تجرأ واستدعى، وطارق البيطار تجرأ وادعى على رئيس حكومة ووزراء ونواب وامنيين كبار… والبقية حتما ستأتي.
من هنا استيقظ مجلس النواب من غفوته المزمنة وقرر ان يتولى هو التحقيق … منطقيا ، كيف يمكن هذا الامر ان يحصل؟ فالكتل التي ستحضر غدا، لها وزراء متهمون في جريمة العصر.
فكيف سيتولى نائب في كتلة، التحقيق مع زميل له من نفس الكتلة؟ وهل نكون في هذه الحالة امام تحقيق جدي وشفاف ام امام التفاف على التحقيق لضربه وتمييعه؟… حقا انها هرطقة قانونية لم نر مثلها، وتذكر بأقسى انظمة الظلم والاستبداد.
فيا حضرة الرئيس بري: الغ غدا جلسة العار ، حتى لا يحمل النواب الذين يحضرونها ، والى الابد ، لقب نواب العار ، وعرابي الموت والدمار.