الرئيس ميشال عون إلى قطر صباح الإثنين ولبنان في عين الخطر، العنوان رياضي للمشاركة في افتتاح كأس العرب، لكن السبب الرئيسي الذي دفع رئيس الجمهورية لركوب الطائرة المسافرة إلى هذه الوجهة، هو استغلال أي فرصة لمحاولة إحداث خرق لفك عزلة لبنان عن العالم العربي المفيد، والذي أقفل في وجه لبنان بسبب استسلامه لأهواء “حزب الله” وانحلال ألسنة بعض الوزراء اللبنانيين وشتمهم السعودية ودول الخليج والدول الغربية والصديقة.
هذا التفلت واللامسؤولية يحصلان استرضاء لحزب الله، وبحثا عن حظوة أو كرسي في كنف الدويلة، والمؤسف أن الأمر لا يقتصر على الوزير قرداحي بل انتقل وبائيا إلى الوزيرين بوحبيب في موسكو، ومرتضى في الضبية أمام السفير الصيني، والمؤسف أكثر أن هذا الأداء يعكس النوايا الدفينة للدولة العميقة التي تستولي عليها المنظومة.
من هنا، كل ما ستؤدي إليه رحلات الرئيس ميقاتي إلى الفاتيكان والقاهرة، والرئيس عون إلى قطر أو أي دولة صديقة، هو إحراج هذه الدول وإرباك دبلوماسياتها ودبلوماسييها من خلال توسيطهم القيام بتحركات مع السعودية ودول الخليج، ولنا في تجارب الرئيس ماكرون الذي زار السعودية وسيزورها خير درس ودليل، علما بأن الحل في لبنان ومطلوب من لبنان، إذ يكفي إقفال أفواه السوء وضب ألسنتها لوقف الإنهيار وإعادة بناء الثقة بين لبنان والدول الزعلانة لكنه حل سهل ممتنع ممنوع، والسبيل إلى التغيير، واحد، الانتخابات.
السلطة المدركة مخاطر الاستحقاق النيابي عليها، اختارت ركوب مخاطر تفتيت الدولة ومؤسساتها وفي مقدمها القضاء المعاند بالحق، والجيش الصابر على الضيم، وتعطيل مجلس الوزراء وضرب الاستحقاقات الديموقراطية. وفي السياق الأخير، هي تعمل على خطين: الأول نسف الوسائل المفضية الى الانتخابات، و الثاني، تهديد “حزب الله” منذ الآن بأنه لن يسمح لأكثرية صافية حاكمة تنبثق من الانتخابات، وبالتالي لا حكومات إلا إئتلافية بأمرته. هنا نفتح هلالين لننبه الى أن فشل مفاوضات فيينا الإثنين سيعزز هذا التوجه، ونجاحها في منظور الحزب أنه سيكون عراب الدولة ومرشدها.
هذه الحسابات العدمية أغرقت لبنان في بحر الأزمات القاتلة وأوصلت شعبه الى المجاعة والى حتمية العودة الى الشارع كفرا بالمنظومة الشيطانية ويأسا، بعدما تحولت البيوت من ملاذات حنان ودفء الى قبور باردة لا نور فيها ولا نبض ولا حياة.
وسط هذه الأجواء الحزينة الملتحفة بالأسود، جرت انتخابات نقابتي أطباء الأسنان والصيادلة، والوطن فقد أسنانه ونهشته أنياب المنظومة ونزف أطباؤه الى المهاجر، ودواؤه صار في ندرة إكسير الحياة وثمنه، وصيادلته فقراء. وإذ مرت انتخابات الصيادلة بهدوء، تحولت انتخابات أطباء الأسنان الى حلبة مصارعة فكسر بعضهم على البعض، وكسرت عناصر دخيلة من “حزب الله” الصناديق ما أدى الى إلغائها.
ولكي لا تلقى الانتخابات النيابية هذا المصير وبنفس الأيدي، ولكي لا نسلم بأيدينا لبنان الى إيران وسوريا، تمسكوا بحصولها أيها اللبنانيون، بس ما ترجعو تنتخبون هني ذاتن.