IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”MTV” المسائية ليوم السبت في 5/2/2022

إسمه ريان. إنه طفل مغربي في الخامسة من عمره. قبل خمسة أيام لم يكن العالم يعلم من هو، ولا اسم قريته، ولا أين تقع على خريطة العالم. لكنه مذ انزلق الى قعر بئر في جوار منزل العائلة أضحى حديث الشرق والغرب. ريان استقر على عمق 32 مترا تحت سطح الأرض. هو عالق في البئر، ومعلق بحبل الأمل، ينتظر بلهفة أن تصل عملية الانقاذ الى نهايتها السعيدة فيعود الى سطح الارض من جديد، ويعود الى عائلته بل الى العالم كله الذي اضحى في انتظاره.

في المبدأ سحب الطفل سيتم، لكن قصة ريان ستبقى في الأذهان: قصة طفل تحدى الخوف والرعب والعطش وضيق التنفس. قصة طفل تحدى الشعور الأليم بالحصار، لكنه تشبث بالحياة، فلم يستسلم بل قاوم، وهدف مقاومته واضح ومحدد: أن يطلع من عتمة البئر والاختناق من قلة الهواء الى نور الشمس ونسمة الحرية. فهل ريان بالنسبة الينا كلبنانيين هو ريان فقط، أم أن قصة ريان فيها شيء من قصتنا، من قصة لبنان؟.

بالمعنى المجازي ريان هو لبنان. وإذا كان الطفل المغربي عالقا منذ خمسة أيام في البئر، فالشعب اللبناني عالق في آبار لا قعر لها منذ سبعة وأربعين عاما، أي منذ بوسطة عين الرمانة الشهيرة. وإذا كان ريان لم يصل مبدئيا الى القعر فاللبنانيون لم يتركوا قعرا الا ولامسوه وارتطموا به الارتطام الكبير. من قعر المعارك والحروب العسكرية، الى قعر الاحتلالات والوصايات، الى قعر التوترات والاشتباكات السياسية، وصولا الى قعر الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

كلها ذقنا منها الأمرين، والذين رمونا في البئر لم يشبعوا من معاناتنا بعد. لكننا صمدنا كريان وأكثر. معاناتنا مستمرة، فلا الموازنة التي صارت على لياليها في مجلس الوزراء انقاذية حقا، ولا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تسير في الاتجاه الصحيح، والانتخابات النيابية ثمة من لا يريدها ويخترع ما لا يخترع لتأجيلها، فيما الوضع المؤسساتي بين المسؤولين مضحك- مبك في آن.

والخلاص الوحيد من بئرنا هو أن نعي جميعا خطورة وضعنا وأن نتذكر كل من رمانا في بئر، ونحاسبه في الانتخابات المقبلة. لذلك أيها اللبنانيون، عندما تأتي ساعة الاستحقاق، وإذا كنتم تريدون حقا أن تخرجوا من آبار الظلمات الى نور الحرية، أوعا ترجعو تنخبون هني ذاتن.