ماذا حقق أموس هوكستين في زيارته الخاطفة للبنان أمس؟ وهل ملفُ الترسيم يتقدّم بثبات كما ذكرت بعضُ المصادر الرسمية، أم أن عقباتٍ وعراقيلَ جديدة طفت على سطح المحادثات ، كما أوحت مصادرُ رسمية أخرى؟ حتى الآن الإلتباسُ سيدُ الموقف، لكنَّ الثابتَ أن الملف ما زال في إطار الأخذِ والرد، علماً أن الخطواتِ المنتظرة اضحت، مبدئياً، سريعةً وسريعةً جداً. واذا صدق هوكستين هذه المرة، فانه يُنتظر أن يرفع التقريرَ النهائي إلى المسؤولين اللبنانيّين في أواخر الاسبوعِ الطالع ، أو في العشرة ايام المقبلة على أبعد تقدير، وذلك ليبنى على الشيء مقتضاه. وهذه المرة ليس على لبنان ان ينتظر مجيءَ هوكستين شخصيا، فالتقريرُ سيُرفع سواءَ اتى هوكستين ام لم يأت الى بيروت. فهل يصدُقُ هوكستين بوعده، ويرفعُ التقريرَ في الموعد الذي حدّده هو، أم أن التأجيل سيستمر كما حصل في المرات السابقة؟ مصادر الرئيس نبيه بري لم تُبد تفاؤلا مفرِطاً بمحادثات الامس، وهو ما عكسه النائب قاسم هاشم الذي اعتبر أنه لا يجوز الاستمرارُ في سياسة المماطلة والمراوغةِ الى ما شاء الله. فهل يعني هذا أن لا امكان للانتهاء من ملف الترسيم قبل نهاية عهدِ الرئيس ميشال عون، وربما حتى قبل اجراءِ الانتخابات النيابية في اسرائيل في تشرين الثاني المقبل؟
على الصعيد الرئاسي المواقف على حالها، فلا جديد باستثناء ما اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية في حديثه الى موقع ال “ام تي في” عن ان اتصالات واجتماعات متواصلة حصلت بين القوات اللبنانية والنواب السنّة والتغييريين والمستقلين والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، مشيرا الى انه من المفترض التوصل الى مرشح موحد في الاسابيع المقبلة، وذلك بعد عرض اكثر من اسم. موقف جعجع يؤكد مرة جديدة، انه ورغم مرور عشرة ايام على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، فان البحث في الشأن الرئاسي لا يزال يسير ببطء، وان لا جلسة ستحدد آنتخاب الرئيس العتيد قبل نهاية شهر ايلول. فالاتصالات المحلية لم تفض بعد الى بلورة اتجاه نهائي لا لدى اركان المنظومة ولا لدى المعارضة، كما ان الاتصالات الاقليمية والدولية ، ومن بينها الاجتماعات السعودية- الفرنسية، لم تفض بعد الى بلورة نتيجة نهائية لا لبروفايل الرئيس ولا لاسمه.
في بريطانيا المشهد مختلف . فاليوم اُعلن تشارلز الثالث ملكا على بريطانيا خلفا لوالدته اليزابيت الثانية. والانتقال من عهد الى عهد تم بهدوء لافت . فهل يتكرر الامر عندنا؟ ام مكتوب علينا مع وجود قوى المانعة ، ان لا يحصل انتقال هادىء للسلطة، وان لا يتم التسليم والتسلم من عهد الى عهد الا بعد فراغ طويل ومدمر ؟