اليوم، قضي على روح المؤسسات نهائيا، وانتهى العهد القوي فعليا. اليوم، تغيرت المفاهيم وانقلبت الأدوار في دولة الجنون والمجانين، بل في دولة حولها المسؤولون عنها والمؤتمنون عليها عصفورية بكل معنى الكلمة.
فهل معقول أن تقتحم قاضية مبنى شركة خاصة لليوم الثاني على التوالي، متحدية قرار رئيسها المباشر؟. وهل مسموح أن تتحول المدعي العام في جبل لبنان زعيمة عصابة، فتخلع ما تشاء من أبواب وتعتدي على ملكية خاصة، بلا شورى ولا دستور؟.
فأي امثولة تعطيها غادة عون في ما فعلته وتفعله، لمن لا يزال له أمل بلبنان؟. هل بالطريقة التي تصرخ فيها وتزجر وتنهر، تمثل القضاء؟. هل بالاستنسابية التي تتحكم في قراراتها تجسد صورة العدالة؟. هل بتحديها الهرمية القضائية تقدم صورة مشرفة عن احترام القوانين؟.
غادة عون، في ما تقوم به لم تعد قاضية تحكم باسم الشعب اللبناني، بل صارت منفذة لانقلاب على دولة المؤسسات. لكن المشكلة لا تتعلق بغادة عون فقط، بل بمن هم وراءها عن قصد او عن غير قصد. فوزيرة العدل مثلا، هي شريك كامل في ما يحصل، ولو حاولت أن تبرىء نفسها وفق قاعدة “أنا بريئة من دم هذا الصديق”..
ماري كلود نجم، وبدلا من أن تحزم أمرها، ولو لمرة واحدة، وتقف الى جانب القضاء ضد من يحاول الانقلاب عليه، اتخذت كعادتها موقفا رماديا، وأخذت تتحدث أمام القضاة والصحافيين في العموميات، حتى لا تقول شيئا، وختمت مطالعتها بالتنظير في الإصلاح القضائي، كأنها لا تزال استاذة جامعية فقط، ولم تصبح في موقع المسؤولية والقرار!.
قالت بالحرف الواحد: “إن القضاء عاجز” وناشدته الانتفاضة على نفسه. فماذا فعلت سيدة نجم، لإخراج القضاء من عجزه والانتفاضة على نفسه؟، ألم تكوني من أبرز معرقلي مسيرة القضاء المستقل؟، وبالتالي لم لم تنتفضي على الذين جعلوك وزيرة، ولماذا لم توقعي إلا رغما عنك، على تشكيلات قضائية نالت إجماع مجلس القضاء الأعلى؟. إن اداءك حضرة الوزيرة، فاقم الوضع القضائي سوءا، وجعلك شاهدة زور على ضرب استقلالية القضاء. فكفاك تباكيا على قضاء ساهمت أنت في إضعافه وضربه وعرقلة مسيرته…
على أي حال، ما يحصل قضائيا هو صورة مصغرة عن الاهتراء الكامل الشامل للجمهورية. نحن في جمهورية تحتضر، وفي عهد أنهى نفسه بنفسه. فما بقي من عهد ميشال عون أنهته غادة عون. فهنيئا للبنان بالقاضية القوية، ومبروك للعهد القوي. أما للرئيس ميشال عون فنقول: “شكرا، لقد أوصلتنا حقا الى جهنم!”.