IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”MTV” المسائية ليوم الجمعة في 28/5/2021

مؤشرات الانهيار تتدافع وتتوالى وتتنوع. قريبا، إذا استمر الفراغ السياسي والخواء الأخلاقي والعقم المقصود عن استيلاد حكومة، فإن البلاد ستنطفىء، ليس بمعنى انقطاع التيار الكهربائي فقط، فهذا تحصيل حاصل، بل نعني أن عجلة الاقتصاد وقدرات الناس على تحمل الاستنزاف ستنطفىء وتتوقف. وهذا التوقف سيستدرج انهيار كل القطاعات، بدءا بالصحية والاستشفائية والطبية والمصرفية والغذائية والهاتفية والتربوية والأمنية. ومن يعتبر أن هذه الصورة سوداء ومبالغ فيها نحيله على صرخات الصيادلة وقد شح لديهم الدواء، والمستشفيات التي تفتقد البنج والمستلزمات الطبية، ومحطات الوقود وقد شارفت تعليق خراطيمها، والسبحة تطول. اخطر من ذلك، إن العناد والمتاريس السياسية المتقابلة وثبات أركان المنظومة في مواقفهم وتمسكهم بحصصهم التي ما عادت تساوي شيئا, تماما كقاماتهم، يقابلها انهيار عام وشامل ومتواصل للواقعين المالي والاقتصادي.

فبعد شهر من الآن، سيتوقف الدعم “بلا جميلة” أحد، وسيصبح البحث في الأمر ترفا بيروقراطيا بلا فاعلية ولا جدوى، وأقرب الى إحياء ميت. افهموا، ان ما يهدىء الوضع منذ 17 تشرين حتى الساعة رغم كل الانهيارات، هو الثبات النسبي لسعر صفيحة البنزين، ولكل مسؤول يتغاضى عن هذا الواقع ويواصل مغامراته ومقامراته ورهاناته على أن الوقت سيصنع حلا أو أن الناس سيتعودون على كلفة الحياة الجديدة، فهو مخطىء لأن ارتفاع سعر البنزين سيحرق كل شيء وسيسقط آخر مخدر كان في قدرة المواطن شراؤه وضخه في خزان سيارته ليهيم على وجهه يأسا أو للتوجه الى العمل بحثا عن لقمة عيش.

في السياق يؤكد المراقبون أن الخوف من الانهيار الشامل، هو الذي دفع المنظومة السياسية الى التعالي على كسلها والشروع في الحديث عن بادرة يرعاها ويديرها الرئيس نبيه بري. والسؤال البديهي: أين اصبحت مساعي تسهيل الولادة ؟ والجواب، أن الوسطاء يحاولون الاستدارة حول صعوبة وصل التيار بين سعد الحريري وجبران باسيل من دون إهمالها طبعا، بما هي قنبلة تأخيرية قاتلة، لكن التوقف عندها كأساس للإقلاع بالحل أمر محبط. تأتي بعد هذه العقدة ، معضلة من يسمي الوزيرين المسيحيين غير الحزبيين، وقد بات واضحا أن حلها يتطلب ضمانات من حزب الله والرئيس بري للرئيس الحريري، غير الراغب في خلق عرف يسقط ما أعطاه إياه الطائف من صلاحية عابرة للطوائف في مجال اختيار الوزراء.

في سياق متصل افادت معلومات بأن الرئيس الحريري سيكون في بيروت خلال ساعات حيث سيبدأ تواصل وصف بالجدي مع الرئيس بري. الخبر جيد، إلا أنه لا يمكن التسرع والاستنتاج بأن الحل الحكومي صار في الجيب لكنه من دون شك مؤشر إيجابي و متقدم. في الانتظار، يجمع المراقبون على ضرورة التوصل الى تشكيل حكومة ضمن مهلة الأسبوعين، وإلا اصطدم جبل انفراط عقد الدولة ببركان وقف الدعم. عندها لن نسأل عمن سيأتينا بالحل لأن الكون سيدير لنا ظهره، بل نسأل: كيف سينام المسؤولون عن هذا الخراب، على وساداتهم وقد اغتالوا بعنادهم وإجرامهم وطنا بشعبه ودمروا الحجر.