الانفجار الكبير يقترب، فما حصل في طرابلس اليوم ليس أمرا عابرا او حدثا تفصيليا, انه مؤشر خطر الى ما يمكن ان يحصل في كل لبنان. فالناس في العاصمة الثانية، وفي كل المناطق لم تعد تحتمل سياسة التجويع والتفقير وتعميم التعتير! لا ماء، لا كهرباء، لا محروقات، لا مازوت، لا ادوية، ولا اوكسيجين!!
وهل نستغرب بعد ذلك اذا نزل الناس الى الشوارع باسلحتهم أحيانا تعبيرا عن غضب ممزوج بالاشمئزاز من طبقة سياسية تمتهن اذلال ما تبقى من شعبها ؟
توازيا، كان نواب الامة يعقدون جلسة ملتهبة بالمعنيين، الحقيقي والمجازي. فمكيفات الهواء تعطلت في قصر الاونيسكو ما جعل النواب والوزراء الحاضرين يشكون من الحرارة المرتفعة داخل القاعة، وهو امر لاقى استحسانا عند الناس. اذ “يليق” بأركان السلطتين التنفيذية والتشريعية ان ينزلوا من ابراجهم العاجية وسراياتهم المخملية، وان يختبروا القهر الذي يعيشه الشعب، وان يدركوا حجم الجريمة الموصوفة المتمادية، التي ارتكبوها بحقه.
فهل كثير ان يذوق النواب والوزراء لهيب جهنم ولو ليوم واحد، كما يذوقه الناس كل يوم بل كل ساعة؟ للحقيقة: “بتستاهلو، وتعيشو وتاكلو غيرها”
هذا في لهيب الشكل، في المضمون: القوات اللبنانية سجلت حالة اعتراضية بانسحابها من الجلسة احتجاجا على عدم عقد جلسة مناقشة عامة حول اداء او لا أداء حكومة تصريف الاعمال! طبعا الرئيس بري حاول تدارك الموقف باعلانه جهوزيته لعقد جلسة عامة لكن تكتل لبنان القوي ظل على قراره وانسحب.
وقد اقر البرلمان البطاقة التمويلية في غياب رئيس حكومة تصريف الاعمال ومعظم الوزراء المعنيين، كأن البطاقة لقيطة لا أب لها ولا ام، وهذا طبيعي طالما انه لم يتوصل المعنيون حتى الان الى تحديد مصدر التمويل. والمصيبة اذا جاء الحل كالعادة بمد اليد الى الاحتياطي الالزامي اي الى اموال المودعين.
توازيا، ازمة البنزين لم تنته، والسبب عدم رضى الشركات المستوردة عن السعر، ما قد يؤجل الحل الحقيقي الى الاسبوع المقبل. فهل المواطنون بحاجة الى ذل جديد آخر؟ وهل معقول ان المسؤولين اللامسؤولين يتوصلون دائما الى انصاف حلول لا الى حلول متكاملة؟ لكن، لم التعجب. فمع انصاف المسؤولين هل يمكن التوصل الى اكثر من انصاف حلول؟