النواب الذين وقعوا عريضة العار بدأوا يسحبون تواقيعهم الواحد تلو الآخر. أمس كان دور سليم سعادة. اليوم جاء دور سامي فتفت وعدنان طرابلسي ونقولا نحاس وديما جمالي، فقد صرحوا وابلغوا قرار سحب تواقيعهم عن عريضة احالة المتهمين بتفجير الرابع من آب على المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
لا شك في ان فتفت وطرابلسي ونحاس وجمالي تعرضوا لضغوط كثيرة كي لا يسحبوا تواقيعهم، لكن ضميرهم الانساني والوطني كان اقوى من اي ضغط. فشكرا لسامي فتفت وعدنان طرابلسي ونقولا نحاس وديما جمالي، وشكرا قبلهم لسليم سعادة. لقد كنتم جميعا على قدر الثقة المعطاة لكم من الشعب عندما انتخبكم. والى النواب الثلاثة والعشرين الذين لا يزالون يضعون تواقيعهم على عريضة العار نقول: عجلوا، واسحبوا تواقيعكم. لا تخيبوا آمال ناخبيكم بكم، ولا تتحولوا ادوات صغيرة في أيدي رؤساء كتلكم ومن وراءهم، اي في ايدي مافيا السلطة في لبنان، التي تبيح لنفسها كل شيء وتستبيح كل شيء. فاذا سحبتم تواقيعكم انقذتم انفسكم، واثبتم انكم اصحاب قرار وموقف، وانكم اكبر من كل مغريات السلطة. اما اذا لم تفعلوا، وابقيتم تواقيعكم واسماءكم على العريضة، فان اسماءكم ستدرج في لائحة العار، وستلاحقكم لعنة التاريخ والشعب الى آخر يوم من حياتكم. ايها النواب الموقعون: أنتم بين خيارين لا ثالث لهما: ارضاء زعيمكم ورئيس كتلتكم واركان المنظومة الفاسدة القاتلة، او التحرر منهم وتحدي قرارهم. كونوا بمستوى الوكالة التي اعطاها الناس لكم، اريحوا ضمائركم، واريحوا خصوصا قلوب الناس وقلوب اهالي الضحايا. كونوا ابطالا وتحدوا المنظومة القاتلة ولو لمرة واحدة، ولا تكونوا مجرمين عبر قتل ضحايا الرابع من آب مرة ثانية!
توازيا، نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية مقالة لاحد كبار كتابها renaud girard رينو جيرار ذكر فيها ان “حزب الله” خزن نيرتات الامونيوم في لبنان لمصلحة النظام في سوريا. من يتتبع تفاعل بعض الاطراف السياسية اللبنانية مع تقدم القضاء اللبناني في ملف تفجير مرفأ بيروت، يستنتج ان ما يقوله Girard جيرار قد يكون صحيحا. والدليل ان “حزب الله” بلسان امينه العام وقف ضد ما قام به المحقق العدلي السابق فادي صوان، كما ان حسن نصر الله انتقد في كلمته الاخيرة اداء المحقق العدلي الحالي طارق البيطار. فلو لم يكن الحزب يريد اخفاء شيء ما، لماذا يتولى دائما التشكيك بالتحقيق اللبناني وبالمحققين العدليين؟ علما ان التشكيك المذكور يأتي بعدما رفض الحزب وحلفاؤه منذ احد عشر شهرا فكرة اللجوء الى القضاء الدولي. فهل يريد الحزب الهرب من القضاء، لجعل جريمة العصر مجرد قضاء وقدر؟
وما يقوم به الحزب استكمله اليوم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في الديمان حيث شكك بأداء القاضي البيطار، واتهمه بالاستنسابية والتسييس، كما تحداه مباشرة مستعملا كلمة “بتحداه” اربع مرات على التوالي. فلماذا سليمان فرنجية منزعج الى هذا القدر من البيطار؟ وكيف يسمح زعيم سياسي لنفسه ان يتحدى قاضيا؟ اين الفصل بين السلطات؟ واين واجب احترام القضاء؟ والا يدري فرنجية ان الرد على القضاء يكون عبر مراجعة القضاء نفسه وليس عبر التصريحات الاعلامية؟ والاهم ان سليمان فرنجية نصب نفسه على باب الديمان قاضيا، فأكد برءاة المدعى عليهم. فهل انتقلنا من زمن المحاكم القضائية الى زمن المحاكم الميدانية الاعلامية؟ وهل انتقلنا من مرحلة اصدار الاحكام باسم الشعب اللبناني الى مرحلة اصدار الاحكام باسم النظام السوري؟