ما الذي منع المنتفضين والثوار من النزول إلى الشارع بكثافة اليوم لاستكمال تحركهم ؟ من راقب الغضب الشعبي المتصاعد بعد ظهر أمس وليله، حسب أن انتفاضة 17 تشرين عادت بعد غياب. لكن وقائع اليوم بددت إنطباع الأمس.
العامل المناخي لم يكن الوحيد الذي حال دون نزول المنتفضين بكثافة إلى الشارع. ثمة عاملان آخران مؤثران. الاول شعور بعض المنتفضين أن هناك مندسين وغرباء عن الثورة إنخرطوا في صفوفهم وأنهم يحاولون تنفيذ أجندات معينة لا تتلاءم وأهدافهم. العامل الثاني والأهم هو تحول الشارع شارعين، والإنتفاضة انتفاضتين، والثورة ثورتين.
فتحركات الأمس بدأت على طريق صيدا القديمة والخندق الغميق وأوتستراد الأسد على مدخل بيروت الجنوبي، أي في مناطق سيطرة الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله. وقد امتد تحرك الحزب ليشمل شارع الحمرا عبر كتيبة من الدراجات النارية التي جابت الحمرا محطمة ما يمكن تحطيمه. إذا نحن أمام واقع جديد، عنوانه نزول حزب الله وحلفائه إلى الشارع وتلبس ثوب الإنتفاضة والثورة، والهدف: حرف الأنظار عن مبادرة البطريرك الراعي وأخذ البلد في اتجاه آخر.
توازيا، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، المسؤولان الأساسيان عن تشكيل الحكومة، غير مهتمين حقيقة بالمطلوب منهما.
فرئيس الجمهورية إلتقى حاكم مصرف لبنان ليسأله عن أسباب ارتفاع سعر الدولار، فيما الحريري إستأنف جولاته الخارجية بزيارة الإمارات العربية المتحدة. فهل بالسفر والسؤال عن الدولار تشكل حكومة؟ في المقابل أليس ارتفاع سعر الدولار سببه الأساسي فقدان الأمل بالطبقة السياسية لعدم تشكيلها حكومة ؟ وفي النتيجة نحن أمام شارعين لا يلتقيان ورئيسين لا يلتقيان! فهل بخطين لا يلتقيان يبنى وطن؟