لقد تم إنجاز خمسة وتسعين بالمئة 95% من التشكيلة الحكومية، صارت التشكيلة على لياليها ولا تحتاج التوليفة أكثر من إسقاط بعض الأسماء في بعض الحقائب حتى تولد الحكومة الميقاتية، الأوضاع باتت من السوء بمكان، بحيث إن الرئيس عون والرئيس ميقاتي لا بد أن يتعاليا على أنانياتهما لأن الشعب يموت، والدولة تنهار. وآخر مفردة حمالة أوجه لفظها الرئيس المكلف، فحواها أن الحكومة بحاجة إلى دفشة لكي ترى النور.
لا أيها اللبنانيون كل هذه الجزئيات والإختزالات والأرقام القليلة والـ كم حقيبة ، التي طالما سمعناها ونسمعها، لم تعن يوما أن أي حكومة في عهد عون رأت النور بهذه البساطة، والنسق نفسه ينسحب على تجربة ميقاتي الحالية. فالشيطان نفسه لا يزال يستدرج الجميع إلى تفاصيله الصغيرة حيث يرتكب فيهم وبالبلد الفعل الشنيع، أما الدفشة التي تكلم عنها ميقاتي بخبث الملدوغ، فهي دفشة باتجاه جهنم، فهو يعلم بأن من يدفشه إلى الإعتذار يعلم بأنه آخر رئيس مكلف سني يرضى التعاون مع عون . نعم، لقد صار لسان حال عون وميقاتي قول الشاعر: “أضحى الثنائي بديلا من تدانينا”، وصار التواصل بينهما يجري عبر وسيط ، وبالتالي لم يكن من موعد للرئيس المكلف في بعبدا اليوم.
ولن يكون موعد، ما لم يحصل التوافق من بعد على التشكيلة بين الرجلين، لأن كل لقاء مباشر بينهما في ظل الأوضاع الكارثية التي تفتك باللبنانيين والدولة، يفترض بأن يؤدي الى إصدار مراسيم التشكيل أو يكون الوقع بركانيا على الناس.
في المقابل لا يدعين أحد بأن الخلاف على اسم من هنا أو حقيبة من هناك هو العلة المانعة للتأليف ، المسألة بحسب قناعة أكثر من خبير مجرب ومجرد، تكمن في رغبة رئاسية لم يعد سهلا إخفاؤها، بإيصال التركيبة الى الحضيض، للخروج من الجمهورية الثانية الى شكل حكم آخر غير محدد الأطر، لكن ملامحه مرعبة. من هنا تسقط كل التشخيصات الأرضية وتعجز عن استشراف ما يخبئه رأس المنظومة وعرابها. ولتلمس الآتي يفترض ألا ينتمي المحلل الى أي فصيلة آدمية. بمعنى آخر إن ما يخيفكم أيها اللبنانيون من جوع وموت وفقر وطوابير متنوعة وعتمة وتعطيل للاستحقاقات المالية والدستورية وتدمير للميثاقية، يرى فيه الأخ الأكبر مؤشر تقدم و نجاح لخطته الانقلابية، إذ يقربه من الانفجار الكبير. لذلك “ما تنسوا يا لبنانية ترجعوا تنتخبون هني ذاتن”.