الواقع السياسي في مكان، والواقع الحكومي في مكان آخر.
في السياسة معارك طاحنة، وجبهات مفتوحة، ونيران وتصريحات تفتح أبواب جهنم.
أمس، غمز الرئيس نبيه بري بقوة من قناة رئيس الجمهورية، ووجه اليه انتقادات لاذعة ولو من دون ان يسميه.
واليوم، استكمل السجال بين مصادر رؤساء الحكومات السابقين، ومصادر قصر بعبدا، ما أزم الوضع اكثر، على صعيد تشكيل الحكومة.
وفي ساحة النجمة انفتحت جبهة جديدة، هي جبهة قانون الانتخاب، لا يمكن ان تنتهي الا بغالب ومغلوب.
على رغم كل هذه الاجواء المتشنجة، ثمة من يصر على ضخ اجواء ايجابية، والايحاء ان الحكومة “على لياليها”، وانها يمكن ان تولد قبل نهاية الاسبوع.
معظم هذه الاجواء لا تعبر حتى الآن على الاقل عن الحقيقة والواقع، بل هي للتعمية ومن قبيل ذر الرماد في العيون! اذ كيف تولد حكومة والوضع السياسي على هذه الدرجة من التشنج؟ وهل يمكن للوسطاء الذين يعملون على خط بعبدا- بلاتينوم، ان يتجاوزوا الاشتباك السياسي المفتوح وان يعزلوا الوضع الحكومي، عن الوضع السياسي العام؟
حتى في التفاصيل الحكومية، الصورة ليست وردية ولا زاهية. الثلث المعطل ما زال يعطل حتى الان تشكيل الحكومة، والنقاش كما تؤكد المعلومات، ما زال يدور حول من يسمي وزيري الشؤون الاجتماعية والاقتصاد.
رئيس الجمهورية الذي يعتبر ان من حقه ان يسمي الوزراء المسيحيين يعتبرهما من حصته، وفي حال التسليم بذلك فان عون سيحصل على الثلث المعطل. لكن ميقاتي ما زال يقاوم الامر بدفع وبدعم من نادي رؤساء الحكومات السابقين.
كما وان الرئيس بري ابلغ الوسطاء والمعنيين انه في حال حصول اي فريق سياسي على الثلث المعطل فانه لن يشارك في الحكومة.
اذا، رغم ازدهار بورصة المرشحين لدخول الوزارة، والتداول باسماء واخراج اسماء، فان تشكيل الحكومة مبدئيا، ليس متاحا قريبا.
كل هذا يجري فيما اللبنانيون يتذكرون في الاول من ايلول مرور مئة سنة وسنة على اعلان دولة لبنان الكبير.
لكن، عن اي لبنان كبير نتحدث، فيما ادنى مقومات الحياة اليومية مفقودة، وفيما الناس تهدر يومها وعمرها في البحث عن رغيف خبز وعن قطرة بنزين وعن حبة دواء! فيا حرام الشوم كيف حول السياسيون الصغار الدولة الى اضحوكة، وكيف جعلوا لبنان الكبير اصغر من صغير!
مع ذلك ايها اللبنانيون ما تنسو ترجعو تنتخبون هني ذاتن!