قال اللبنانيون كلمة الحق، فتراجع الباطل، وختم القاضي فادي عقيقي محضر التحقيق . انها الخلاصة ليوم طويل، بدأ شعبيا، وانتهى قضائيا. فالناس الذين نفذوا اعتصاما بالسيارات، من بكركي الى معراب ، رسموا باجسادهم واعلنوا باصواتهم رفض العودة الى زمن العدالة اللاعادلة، الممهورة بتوقيع النظام الامني اللبناني – السوري. كما قالوا بالصوت الملآن ان معراب 2021 هي غير غدراس 1994.
فالحشود الاتية من كل المناطق اللبنانية طوقت مقر سمير جعجع، وزنرت الطريق من معراب الى جونيه. هكذا، وبدلا من ان ينزل جعجع الى مديرية المخابرات، صعد الناس الى معراب. والواضح ان فادي عقيقي ومن وراءه من قوى سياسية فهموا الرسالة جيدا، واستوعبوا ابعادها، فختم عقيقي المحضر سريعا من دون اتخاذ اي اجراء جديد بحق رئيس القوات .
وهذا يعني ان الملف بات بيد القاضي فادي صوان لا بيد عقيقي ،الذي طرح أداؤه الكثير من الاسئلة ، واثار الكثير من الالتباسات . صفحة تحقيقات واستدعاءات عقيقي طويت اذا، ومعها طويت صفحة من الاجرءات المريبة، فعادت الثقة بأن الاحكام ستصدر باسم الشعب اللبناني حقا، لا باسم بعض القوى النافذة، ولا باسم نظام امني – سياسي جديد يحاول القضاء على ما تبقى من قوى سيادية في البلد.
سياسيا، الاقتراح الذي قدمه امس الرئيس نبيه بري الى البطريرك الراعي، سقط اليوم، وكان سقوطه عظيما . وبعكس ما اشيع، فان الاقتراح لم يكن اقتراح البطريرك بل اقتراح بري، الذي حاول كالعادة التحايل لتطويق القاضي طارق البيطار ، ومنعه من استكمال تحقيقاته مع الوزراء والنواب المدعى عليهم . سقوط الاقتراح بدأ عند رئيس الجمهورية، الذي لم يبد متحمسا كثيرا للطرح المقدم، كما تردد ان حزب الله غير راض عن الطرح، لأنه لا يؤمن “قبع” البيطار نهائيا عن الملف، كما يريد ويشتهي . كما علمت ال ” ام تي في” ان قوى سياسية كثيرة، ترفض طرح بري ، الذي حمله الراعي لأنه يشكل نوعا من المقايضة بين دماء ضحايا جريمة المرفأ، وبين قضية الدكتور جعجع . وانطلاقا من هذه المواقف ، فان الحكومة لن تجتمع قريبا، وربط النزاع مستمر ، والمقايضة سقطت نهائيا. على اي حال، كيف تكون هناك مقايضة وضحايا المرفأ يتكاثرون ، وآخرهم اليوم عباس مظلوم، الذي استسلم واسلم الروح بعدما استمرت رحلة معاناته حوالى 450أربع مئة وخمسين يوما . من هنا ايها اللبنانيون ، عندما تذهبون الى صناديق الاقتراع تذكروا النواب الساكتين، والمتآمرين والمتواطئين، الذي يعرقلون التحقيق، ويمنعون الوصول الى الحقيقة، ولذلك ايضا وايضا، اوعا ترجعو تنتخبون هني ذاتن.