المسيح قام، حقا قام. وفي يوم القيامة تثبت بكركي انها الصخرة المؤتمنة دائما على قيامة الوطن.
قبل الظهر كان موقف استثنائي غير مسبوق للبطريرك الراعي. أسباب استثنائية الموقف كثيرة، لكننا نتوقف عند أمرين. الأول، كيف وصف الراعي الطبقة الحاكمة، فهو أطلق عليها تسمية “الجماعة الحاكمة”، وهي تسمية لا تشرف حامليها، ولا تشرف من يتحكمون بمصير لبنان اليوم! الراعي، الدقيق جدا في انتقاء مفرداته في كلماته المكتوبة، حرص على ألا يطلق على من يتولون أمور البلاد تسمية المسؤولين أو الحكام، بل وصفهم بالجماعة الحاكمة، فكأنهم جماعة وصلت إلى الحكم ولا هم لها إلا تحقيق مصالحها على حساب الناس وعلى حساب الوطن.
الأمر الاستثنائي الثاني في كلمة الراعي تشديده على أن الهدف من كل ما يحصل هو تنفيذ مخطط يهدف إلى تغيير لبنان بكيانه ونظامه وهويته وصيغته وتقاليده. فإذا ربطنا ما قاله الراعي اليوم بالفيديو المسرب قبل أيام، والذي تحدث فيه البطريرك بصراحة عن أداء “حزب الله”، نعرف أن أول المقصودين بكلام الراعي هو “حزب الله” وكل من يؤيد طروحاته ويمنحها الشرعية الدستورية أو حتى المشروعية الشعبية.
ولعل الموقف العالي السقف الذي عبر عنه البطريرك الراعي اليوم هو ما دفع رئيس الجمهورية الى زيارة بكركي بعد ظهر اليوم وليس قبل ظهر غد الاحد. إذ جرت العادة ان يزور رئيس الجمهورية البطريرك يوم العيد وأن يعقد خلوة قصيرة معه ثم يشارك في القداس الإلهي الذي يترأسه. فهل فضل عون عدم حضور قداس الغد حتى لا يسمع العظة التي سيلقيها الراعي والتي من المرجح ان تكون عالية السقف أيضا؟ علما أن ما حصل اليوم حصل مثله يوم عيد الميلاد، ما يؤكد أن التباعد في المواقف بين الرجلين يتثبت يوما بعد يوم.
اما بالنسبة الى مواقف رئيس الجمهورية، فهي جاءت لتؤكد أن كل ما قيل عن قرب التوصل الى حل حكومي كلام بكلام. فالرئيس عون قال بصراحة إن العقد تتكاثر وأنه كلما حلت واحدة برزت عقدة جديدة. كما وجه من على منبر بكركي انتقادا مبطنا الى رئيس الحكومة المكلف، اذ عندما سئل متى موعد الخروج من النفق الأسود أجاب بتعبير فيه الكثير من السخرية: ت يرجع الرئيس المكلف.
كل هذا يثبت أن موعد تشكيل الحكومة ليس قريبا كما بدا قبل ايام، وان سيناريو التعطيل لا يزال هو الأقوى. المسيح قام حقا قام، ودحرج الحجر، فمن يدحرج حجر الجماعة الحاكمة عن صدر لبنان؟