مرة أخرى دبت الحياة في قطاع غزة: الشوارع عجت بالمارة والمركبات، السكان تفقدوا ممتلكاتهم وعاينوا ما لحق بمنازلهم من دمار، الصيادون أبحروا بمراكبهم في القطاع الساحلي، المقاومون أخذوا إستراحة محارب بعدما سطروا إنجازات وإبداعات جديدة في المواجهة الأخيرة مع العدو الإسرائيلي.
صحيح أن العدوان أسفر عن سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين وحدوث أضرار في المباني والممتلكات لكنه فشل في تحقيق أهدافه. فلا هو نجح في لي ذراع المقاومة ولا في الإيقاع بين فصائلها ولا في تأليب البيئة الحاضنة عليها والأهم أنه أخفق في وقف الصواريخ التي طاولت تخوم تل أبيب والقدس وليس فقط مستوطنات غلاف غزة. أما القبة الحديدية التي لطالما تباهى بها العدو فبدا عقمها الشديد ما اضطر جيش الإحتلال للإستعانة بمنظومة (مقلاع داوود) التي يبلغ ثمن الصاروخ الواحد من صواريخها مليون دولار! الخلاصة أن العدو بدا في المواجهة الأخيرة فاقدا لقوة الردع ومكبل اليدين تحت وطأة صواريخ غزة التي أرست مجددا توازن رعب حاسما أجبره على الرضوخ لشروط المقاومة ولا سيما لجهة وقف إستهداف المدنيين والأفراد.
في زاوية أخرى من المشهد الإقليمي برزت اليوم مشاركة سوريا للمرة الأولى منذ إثني عشر عاما في الإجتماعات التحضيرية للقمة العربية التي ستعقد الجمعة المقبل في جدة.
وفي الإقليم أيضا العين على تركيا التي يترقب العالم لحظة الحسم في إنتخاباتها الجارية اليوم ولا سيما أنها ستحدد الإتجاه الذي ستسلكه أنقرة في السنوات المقبلة فلمن ستكون الغلبة في نهاية السباق: لرجب طيب أردوغان أم لكمال كليتشدار أوغلو؟.
وإلى لبنان المراوحة الرئاسية على حالها ربما بانتظار “النسر المنقذ” الذي استنجد به وليد جنبلاط في آخر تغريداته الساخرة.
حتى ذلك الحين يتقدم ملف النزوح السوري وفي شأنه أطلق البطريرك الماروني دعوة إلى المسؤولين اللبنانيين لكي يجروا المفاوضات اللازمة مع سوريا والمجتمع الدولي من أجل عودة النازحين إلى بلادهم ويطالبوا الأمم المتحدة بمساعدتهم على أرض وطنهم.