لعل في ذلك الفيديو الذي شاهده الملايين اليوم ما يدمي القلب: طفل من غزة يمشي سيرا على قدميه حافيا مسافة اثني عشر كيلو مترا معللا النفس بالحصول على بعض الطحين الذي تلقيه الطائرات ضمن مايسمى بالمساعدات الجوية … لكن الطفل ضل الطريق ولم يحصل على أي شيء يعود به الى عائلته ويسد بعض جوعها.
هي واقعة دامية للوجع في غزة وإدانة دامغة لا تمسح العار عن جبين عالم يسكت أمام ابشع جريمة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني … جريمة كان احد فصولها مجزرة الطحين المعجون بالدماء والتي ارتكبها جيش الاحتلال في شارع الرشيد. أما المضحك فهو زعم هذا الجيش ان تحقيقاته أظهرت ان المئة شهيد واكثر الذين سقطوا فيها إنما قضوا نتيجة التدافع للحصول على مواد غذائية!!.
لكن هذه الرواية دحضتها حتى الأمم المتحدة والصحافة الأميركية والغربية المنحازة عادة لإسرائيل.
على ان المجازر في القطاع تواصلت اليوم حيث استشهد اربعة عشر فلسطينيا من عائلة واحدة في قصف معاد لرفح فيما ارتفع الى ثلاثة عشر شهيدا واكثر من خمسين جريحا عدد ضحايا المجزرة التي ارتكبها العدو قرب المشفى الإماراتي في المدينة نفسها. ولوحظ في الساعات الأخيرة تركيز جيش الاحتلال عملياته العدوانية في خان يونس تمهيدا لتقدم قواته البرية على ما قال لكنه اصطدم بمقاومة قوية اسقطت بعض جنوده في كمين اسفر عن سقوط العديد منهم.
على هذا الإيقاع الملتهب في الميدان كان يفترض ان تستأنف اليوم في القاهرة المفاوضات الهادفة إلى تحقيق هدنة بحلول شهر رمضان. وفيما وصل وفد حماس الى العاصمة المصرية ذكرت وسائل اعلام عبرية ان اسرائيل لن ترسل اي وفد بعدما تسلمت ردا من حماس لا يتطرق الى مطلبها الحصول على لائحة كاملة بأسماء الأسرى الاسرائيليين الذين مازالوا أحياء. وهكذا فإن شروط تل أبيب التعجيزية أجهضت المفاوضات علما بأن مصدرا قياديا في حماس اكد انه في حال تجاوبت اسرائيل مع مطالبها يصبح الطريق ممهدا أمام اتفاق خلال الأربع والعشرين او الثماني والأربعين ساعة المقبلة.
على الجبهة اللبنانية ظل التصعيد الاسرائيلي قائما وفيما لم يسجل الميدان اليوم وقائع كثيرة ظلت وتيرة التهديدات الاسرائيلية على مستواها المرتفع ومن ضمنها تهويل وسائل الاعلام العبرية بأن اندلاع حرب شاملة بين اسرائيل ولبنان أمر متوقع مؤكدة ان الحكومة الاسرائيلية تفكر في شن ضربة استباقية كبيرة لكن الولايات المتحدة تحول حتى الآن دونها على حد تعبيرها. وفي هذا السياق يفترض ان يحط المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين غدا في تل أبيب وبيروت ضمن جولة تستهدف بشكل خاص تهدئة الوضع على الحدود اللبنانية – الفلسطينية.
وغدا تصادف الذكرى السنوية لجريمة تفجير حسينية بلدة معركة في العام 1985 والتي ادت الى استشهاد قائدي المقاومة محمد سعد وخليل جرادي وكوكبة من رفاقهما. بعد تسعة وثلاثين عاما تبقى (معركة) أم القرى وأم المقاومة مجددة التمسك بالنهج الذي ارساه الامام السيد موسى الصدر وتابعه الرئيس نبيه بري الحريص على بقاء الشهداء أمانة لا يمكن التفريط بها.