أضحى مبارك…. من رأى في صبيحة العيد مشهد جموع الجنوبيين في قراهم وبلداتهم حتى تلك الملاصقة للحدود مع العدو الإسرائيلي أيقن أن هذا الشعب عصي على كسر روح التحدي والصمود التي يتحلى بها.
رغم عمليات القصف والإغتيالات- كما حصل اليوم في سلعا- تقاطر أهل الأرض إلى أرضهم… صلوا في المساجد أو ما تبقى منها… زاروا المقابر… تفقدوا المنازل منها ما هو قائم ومنها ما هو متضرر ومنها ما حولته القذائف والصواريخ الإسرائيلية إلى أثر بعد عين.
حتى المنتزهات قصدوها غير عابئين باعتداءات وتهديدات والمثال الساطع كان على ضفاف نهر الليطاني.
أما على الضفة الأخرى من الحدود فثمة مستوطنات خاوية لا أثر للحياة فيها… المستوطنون نازحون… والقلائل منهم الباقون فيها مختبئون. حتى أن مدينة مثل صفد تتميز عادة بشوارعها وأسواقها المكتظة باتت تعاني من انهيار السياحة والتجارة فيها رغم بعدها نسبيا عن الحدود على ما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت التي اشارت في السياق نفسه إلى أن صواريخ وقذائف المقاومة أدت إلى إحراق حوالي ثلاثة عشر ألف فدان من الغابات في مرتفعات الجليل الأعلى الجولان.
المشهد الحدودي حضر في خطب العيد اليوم من باب التشديد على دعم صمود الجنوبيين ومقاومتهم التي تعد مفخرة السيادة ومن باب التمسك بأهداب الحوار والتواصل بين اللبنانيين. إذا كان عيد الأضحى قد خفض منسوب الدينامية السياسية فإن ثمة ترقبا لموعدين مهمين في لبنان الأول يرتبط بما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري لموقع الإنتشار لجهة تبلغه مجيء مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت والثاني يرتبط بزيارة أمين سر الفاتيكان بيترو بارولين للبنان في الثالث والعشرين من الشهر الحالي.
وفيما تكتسب زيارة المسؤول البابوي صفة راعوية إلا أن المعلومات تؤكد أنه سيقارب الشأن السياسي اللبناني ولا سيما الملف الرئاسي.
أما هوكستين حط اليوم في تل ابيب قبل أن يزور بيروت غدا في مهمة تهدف إلى تجنب المزيد من التصعيد على جانبي الحدود اللبنانية – الفلسطينية. وبحسب ما نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول إسرائيلي فإن تل ابيب تريد استنفاد وساطة الولايات المتحدة للتهدئة قبل الحل العسكري وتنتظر ما سيطرحه هوكستين بشأن الجبهة الشمالية. ونقلت وسائل إعلام عبرية أخرى عن مسؤولين أميركيين أن إنهاء حرب غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين هما الشرطان الأساسيان للتوصل إلى اتفاق على الجبهة اللبنانية. ووفقا لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر فإن هوكستين أجرى محادثات غير مباشرة مع حزب الله بوساطة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية تقلصت فرص نجاح صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى فيما يزداد الوضع في غزة قلقا بالنسبة للعدو الإسرائيلي بعد استعادة المقاومة عافيتها في مناطق عدة بالقطاع بحسب ما ذكرت وسائل إعلام عبرية.
ويبدو أن هذه المصادر كانت تشير إلى الضربات الأخيرة التي تلقاها جنود الإحتلال وأدت إلى مقتل اربعة عشر منهم خلال اليومين الأخيرين.
وإذا كان الوضع في الميدان العسكري على هذا النحو فإن وضع الميدان السياسي ليس افضل حالا ومن أحدث علائم التخبط الإسرائيلي السجال الذي حصل بين الجيش وبنيامين نتنياهو وقرار الأخير حل مجلس الحرب وإنشاء “المطبخ الصغير” ذلك غداة انسحاب إيتمار بن غفير وبسلئيل سموترتش من المجلس.
وهج الأحداث في المثلث الإسرائيلي – الفلسطيني – اللبناني لم يحجب تطورا إقليميا بارزا تمثل باجتماع عقده وفدان عسكريان سوري وتركي بوساطة روسية في قاعدة حميميم الجوية بحسب ما كشفت صحف تركية واشارت إلى أن الإجتماع المقبل سيعقد في بغداد.