الأحد.. التاسع عشر من كانون الثاني 2025 بتوقيت غزة.. تاريخٌ مرصـّعٌ بحصاد الصبر والتحدي والصمود والانتصار… نعم… الانتصار على العدوان الأقسى في العصر الحديث رغم الـ 46.948 شهيدًا والـ 110.708 جرحى والكثير الكثير من المفقودين والمهجـّرين والنازحين والمدمرةِ بيوتـُهم ومخيماتـُهم وقـُراهم ومدنـُهم. هي حصيلةُ 471 يومـًا بنهاراتها ولياليها في الخمسة عشر شهرًا التي أعقبت السابع من تشرين الأول 2023.
اليومَ تـُطوى صفحةُ سنةٍ وثلاثةِ أشهرٍ من عدوانٍ أكلت نيرانـُه القطاعَ بشرًا وحجرًا ووصلت شظاياهُ إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة وسوريا والعراق واليمن وكذلك لبنان.
لأول يوم منذ سنةٍ ونيف لا غاراتٌ ولا قصفٌ ولا تدميرٌ في قطاع غزة بل بدايةُ هدنةٍ ولو بتأخير ثلاث ساعات وثلاثة أرباع الساعة من الثامنة والنصف صباحـًا إلى الحادية عشرة والربع.
وفي أول خطوة عملية لتنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار تسلم جيش الاحتلال الأسيرات الاسرائيليات الثلاث من الصليب الأحمر الدولي بعد إطلاق سراحهن من قِبل كتائب القسام وتمت عملية التسليم في ساحة السرايا بحضور شعبي غفير فيما أكد الاعلام العبري أن الوضع الصحي للأسيرات جيد وفي ساعات الصباح الاولى لم يوقـِفْ جيشُ العدو قبلـَها وخلالـَها اعتداءاتـِه حاصدًا تسعةَ عشر شهيدًا وعشراتِ الجرحى.
لكنَّ هذا لم يـَحـُلْ دون نزولِ الغزّيين إلى الشوارع في احتفالاتٍ حاشدة وتحركِ آلافِ المهجرين والنازحين مستعجلين العودةَ إلى ديارهم أو أطلالـِها ولاسيما في شمال القطاع. أكثرَ من ذلك نفذتِ المقاومةُ الفلسطينية قـُبيلَ بدءِ سـَرَيان وقفِ النار – عروضـًا بمركبـاتٍ عسكرية يـَعتليها مقاتلون مدجـَّجـُون بالسلاح في خطوةٍ تحمل ألفَ رسالةٍ ورسالة.. تمامـًا مثلُ الرسائلِ التي حملتها مسارعةُ الشرطة التابعة لحماس إلى الإنتشار لحفظ الأمن والنظام ولاسيما ان انسحاباتٍ عسكرية إسرائيلية رُصدت قبل ذلك في غير منطقة.
وفي مقابل صمود غزة وعضـِّها على جراحها وافشالها أهداف العدوان ولاسيما القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى تحت النار مكابرةٌ ركب مـَوْجـَتـَها بنيامين نتنياهو حتى النـَّفـَسِ الأخير لكنَّ مياهَ أبناءِ جـِلـْدتـِه كـَذَّبتِ الغطـّاس الذي تجرّع سـُمَّ الصفقة.
فها هو واضـِعُ خطةِ الجنرالات (غيورا إيلاند) يقول: حماس انتصرت وإسرائيل فشلت فشلاً إستراتيجيـًا….
أما الهيكلُ السياسي لنتنياهو فقد صـَدَّعته حربُ غزة وائتلافـُه الحكومي بات يترنـّح إذ انضمَّ اليومَ إلى المستقيلين منه الوزير (إيتمار بن غفير) والوزيران الآخران المنتميان إلى حزبه اعتراضـًا على ما وصفوه بالاتفاق المتهوّر مع حماس. كما استقال أحدُ أعضاءِ حزبِ وزير المال (بتسلئيل سموتريتش) من الكنيست. في كيان العدو بـُنيانٌ حكوميٌ يهتزّ وفي لبنان بنيانٌ حكومي يـُعمل على ترتيبه.
وفي هذا السياق يفعـّل الرئيس المكلف نواف سلام مشاورات تأليف الحكومة محاولاً تحقيقَ ولادةٍ مبكـّرة لها.
هذه المشاورات جمعت في الساعات الماضية سلام ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب علي حسن خليل وحسين الخليل في لقاء اتـّسم بالجدية على ان يكون للحديث صلة وفق معلوماتٍ للـ NBN.
أما على صعيد الانفتاح الخارجي على لبنان فبعد زيارات رئيسي قبرص وفرنسا والأمين العام للأمم المتحدة ووزراءِ خارجيةٍ عرب وأوروبيين يصل إلى بيروت الخميس المقبل وفدٌ رسمي سعودي برئاسة وزير الخارجية فيصل بن فرحان على ما أكدت مصادر صحفية لبنانية.