لبنان كله حاضر في النبطية، يغرف من بيدرها غلال الضوء في ليالي التغييب الحالكة، ويضيء الشموع على نية العودة. يهتف في ساحة عاشورائها بصوت واحد، محمدي، حسيني، كنسي: والتين والزيتون وطور سينين، سيعود، آمين.
إبيض الزمن ومازالت فتية، وكأنها قبس من الملحمة الكربلائية، بتوقيت موسى الصدر، على وقع نبض قلوب محبيه. وفي آب ربيع قضية بقيت خضراء مخلدة على مدى كل الفصول، لم يمسس الخريف أوراقها رغم تقادم السنين.
هي نهضة عصية على التغييب. هي ثورة من إرث الحسين عليه السلام، خرجت كمارد من القمقم ولن تعود اليه. هي “أمل” لا ينضب زيت قنديلها، هي عمامة تتسع لكل انسان، هي عباءة على مساحة كل لبنان.
وهنا في النبطية، أستاذ نبيه، حفظ الأمانة عن ظهر قلب. هو ضمير الغائب المغيب وصورته وصوته، ليس في مفرداته وثوابته الحركية والوطنية غير العمل على تحرير الامام الصدر وأخويه من معتقلات ليبيا، ويشد على يد القضاء اللبناني المختص في السعي الحثيث بلا سكون، على استخراج المعلومات من الموقوفين في هذه القضية، معلنا عن سلسلة خطوات تم التوصل إليها أو هي محور متابعة للجنة الرسمية، وكل ما عدا ذلك من محاولات التشويش على القضية يجب صم الآذان عنه.
ومن ساحة عاشوراء التي لقنت العدو الإسرائيلي درسا ذات محرم، وكما كان أبناء حركة “أمل” مبتدأ المقاومة، دعاهم الرئيس بري الآن للبقاء على أهبة الاستعداد والجهوزية لإفهام العدو مرة جديدة أن أرض لبنان وكل شبر منها مقاوم، وهي محصنة بثلاثية ماسية توحد اللبنانيين في مقابل أطماع إسرائيل الساعية لترميم صورتها في الشرق الأوسط، وتصفية حساباتها على حساب لبنان، بعدما أن تأكدت ألا حرب أميركية مع ايران، لم يبق لها سوى جبهة لبنان ومقاومته لتصفية حساباتها، لا سيما وأن نتنياهو يحتاح لنصر معنوي قبل الانتخابات.
وكما في المقاومة كذلك في الإقتصاد، أطلق رئيس المجلس النفير العام من خلال اعلان حالة طوارئ اقتصادية، برنامجها تنفيذ ما اتفق عليه في اجتماع بعبدا الماضي، واجتماع الاثنين المقبل، وتنفيذ القوانين الصادرة عنه.
الرئيس بري دعا إلى تنفيذ إتفاق الطائف بكامله، أي كل النصوص الدستورية التي لم تنفذ، الأمر الذي يضعنا على مشارف الدولة المدنية.
وربطا بما يجري في سوريا، رأى الرئيس بري أن حفظ وحدتها هو حفظ لوحدة لبنان، وحتى الآن لا حوار معها بشأن النازحين.
أما فلسطين فإن قضيتها هي الأساس، وقد تأكد ذلك من فشل “صفقة القرن”، قال الرئيس بري.