مع مرور خمسة وعشرين يوما على بدء الحراك في الشارع، وثلاثة عشر يوما على استقالة الحكومة، لم يخرج لبنان من نفق المراوحة السياسية والتقهقر الاقتصادي. وعلى وجه التحديد، ظل الاستحقاق الحكومي رهينة الجمود، بحيث لم يتحقق أي اختراق جدي لا تكليفا ولا تأليفا.
وإذا كان آخر ما رصد على خط هذا الاستحقاق، هو الاجتماع الذي عقده الرئيس سعد الحريري والوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام ل”حزب الله” حسين الخليل، فإن الأمور بقيت في أعقابه على حالها ولم يرشح أي تقدم.
ومن رحم هذا الاستحقاق، تولد اليوم موقف لبكركي ناشد فيه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رئيس الجمهورية إجراء الاستشارات النيابية وتكليف رئيس للحكومة والإسراع معه في تأليفها، محذرا من أن حال البلاد لا يتحمل أي يوم تأخير.
فهل يعني هذا الكلام لرأس الكنيسة المارونية، رفضا لاستئخار الاستشارات إلى ما بعد التوافق على الحكومة العتيدة؟.
مهما يكن من أمر، فإن الأسبوع الطالع يفترض ان تتوضح فيه معالم المرحلة المقبلة، وذلك استنادا إلى جملة محطات سياسية واقتصادية. فغدا الإثنين كلمة للأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، يسبقها في اليوم نفسه مؤتمر صحفي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
والثلاثاء انطلاقة للثورة التشريعية التي أعلن عنها الرئيس نبيه بري، وذلك من خلال جلسة لمجلس النواب، في جدول أعمالها اقتراحات قوانين تتعلق بمكافحة الفساد والرعاية والعدالة الاجتماعيتين.
ومما لا شك فيه أن من شأن هذه الثورة التشريعية غير المسبوقة، أن تفتح الباب واسعا أمام تحقيق مطالب محقة للناس في هذا الزمن الصعب.
وفي جدول الأعمال أيضا مشروع قانون مهم ينتظره اللبنانيون منذ سنوات، ويتعلق بالعفو العام. ورغم أن المشروع لا يشمل كل من ارتكب جرائم بحق عسكريين أو مدنيين وكل من ساهم في سفك الدماء، ورغم أن باب نقاشه مفتوح أمام النواب لإبداء ملاحظاتهم، فإنه يتعرض لهجمة غير مبررة من قبل بعض القوى، علما بأن المشروع جاء من الحكومة وورد في الورقة الاصلاحية التي وافقت عليها بلا تحفظ كل القوى الحكومية بمن فيها المعترضون الجدد، فما سر هذه الازدواجية؟. إضافة إلى أن مشروع قانون العفو، لا يشمل الجرائم المالية بجميع أشكالها.
أما من يتحدث عن إعطاء قانون العفو أولوية على قانون مكافحة الفساد، فهو إما مضلل أو مضلل، لأن مشروع قانون مكافحة الفساد وارد على رأس جدول أعمال الجلسة.
ويبقى السؤال الأهم: لماذا الاستعجال والتصنيف، طالما أن المشروع سيخضع للنقاش والتصويت في الجلسة إذا لزم الأمر، ومن لديه ملاحظات فإن الهيئة العامة هي المكان الصحيح لطرحها وليس منابر التواصل واللغة الشعبوية.