عاصفة ردود في الدستور والقانون والسياسة… وحتى في الأصول، فتحها إدعاء المحقق العدلي على رئيس الحكومة حسان دياب وثلاثة وزراء، فجمع دياب مع رؤساء الحكومات السابقين على مبدأ أن موقع رئاسة الحكومة ليس مكسر عصا، ودفع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى دخول السرايا قبل تشكيل الحكومة، وبصفة المتضامن، ليعبر عن رفضه المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح، مشددا من الآخر على أن رئاسة الحكومة ليست للابتزاز.
ومن زيارة السرايا إلى بركة دار الفتوى، إتصال من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أشاد خلاله بموقف الرئيس دياب وبنظافة كفه، وأكد دعمه ووقوفه إلى جانبه ورفضه التطاول على رئاسة الحكومة.
وفي المواقف البارزة أيضا اعلن حزب الله رفضه في شكل قاطع غياب المعايير الموحدة التي أدت إلى ما يعتقده الحزب إستهدافا سياسيا طاول أشخاصا وتجاهل آخرين، من دون ميزان حق. وحمل شبهة الجريمة لأناس وأستبعد آخرين من دون مقياس عدل.
كل ما تقدم يترجم رفضا قاطعا بكل المقاييس للاستنسابية والبعد عن واقع الحال ومضمون محاضر التحقيق ورسو (مانيفست) الإدعاءات القضائية بقدرة قاض عند الرصيف الخطأ…
ضل التحقيق الطريق، ووقع الإدعاء بلا بينة ومع عدم كفاية الدليل أو حتى وجود إختصاص. ولكن ربما عن سابق تصور وتحريض، حتى لو أردنا أن نحسن النية.
لم يتصون من يمثل حصن عدالة اللبنانيين من عيوب التناقضات في القرار، ولا صان حقوق أهل الشهداء أولا في معرفة الحقيقة، فكان إدعاء خبط عشواء، ظن صاحبه عند تسريبه أنه (ما عليه جمرك).
ولأن الحقيقة حق للرأي العام، والمحاسبة على التقصير واجب تجاه أهالي الشهداء والجرحى وكل المتضررين، فإن الأصول تحتم وجوب أن تطاول المسؤولية الدستورية والقانونية جميع المسؤولين الفعليين، عندها يسقط الإدعاء A LA CARTE، بخاصة وأن كتاب المحقق العدلي إلى مجلس النواب، الذي وعلى رغم كونه حينها غير قابل للصرف دستوريا، كان يتضمن أسماء أربعة رؤساء حكومات، إضافة إلى أحد عشر وزيرا فما الذي (عدا ما بدا)؟، ووفق أي سند قانوني تمت عملية غربلة الأسماء قبل أن يحذف بعضها وتضاف أخرى، وهي لم ترد أصلا في الكتاب الموجه للسلطة التشريعية؟.
ما هكذا تورد الإدعاءات، ولا بهذه الخفة تستورد الإتهامات غب الطلب… وعملية التخفف من الأعباء والضغوط من المؤتمن على الحقيقة أمام الرأي العام، لا تكون بتضليله وفق مبدأ (أحيد عن ضهري بسيطة)، وعبر تسريبات تعكس ترددا في الأداء وإضطرابا في الإدعاء.
وهنا يطرح السؤال البديهي: كيف للمحقق أن يغير رأيه بين ليلة وضحاها بعدما كان يقول أن الأمر من إختصاص مجلس النواب؟.
يبقى الأهم … عدم السماح بضياع حق من دفع دمه ضريبة لقلة المسؤولية والإهمال أو بتضييع الحقيقة باتهامات لا اساس لها في التحقيق ولا في الواقع.
على الجميع أن يرجع إلى الكتاب، فالدستور يسمو ولا يعلى عليه… والشمس طالعة والناس قاشعة.
وعلى صاحب الشأن الذي من المفترض معرفته بالأصول، أن يقوم بواجباته وفق الأصول بإعداد ملف مسند بالإثباتات، ويرسله عبر مدعي عام التمييز ووزارة العدل إلى ساحة النجمة.
العدل ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح و(هو ما لا يريده أحد) فبماذا يملح؟ إتقوا الله في عباده.