حبل التهديدات للبنان على غاربه، ومن ضمنها قول وزير الخارجية الإسرائيلي إن كيانه يدرس رداً حاسماً على هجمات المقاومة وتأكيدُ الإعلام العبري أنه سيتم قريباً إعلانُ هزيمةِ حماس في غزة وإمكان توسيع الحملة شمالاً. البعض يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد مؤكداً ألاّ شيء يكبح جموح بنيامين نتنياهو المحاصَر داخلياً وخارجياً سوى عملٍ عسكري كبير يحفظ رأسه أطول مدة ممكنة.
على الضفة المعاكسة، يضع البعض الآخر حملات التسويق للخيار العسكري في خانة الحرب النفسية للضغط على لبنان ومقاومته وبيئتها الحاضنة. وفي الخانة نفسها تندرج شائعات لها أول وليس لها آخر من قبيل ما بثته مواقع عبرية عن سحب دول أوروبية سفراءها من لبنان راسمة سيناريوهات مرعبة لحرب واقعة لا محالة. لكن المطبّـلين للحرب والعازفين على أوتارها فاتهم أن الجيش الذي كان لا يُقهر يحصد الآن المزيد من الخيبات على جبهتي غزة ولبنان ويواجه أوضاعاً لوجستية ومعنوية لا تضمن له تحقيق إنجازات على الجبهتين ولا تحقيق الأوهام السياسية لقادة يبحثون عن مصالحهم الشخصية. كما فاتهم أن وراء هذا الجيش جمهوراً منقسماً على ذاته وحكومة “مهلهلة” يُحذر رئيسها من حرب أهلية.
وانطلاقاً من هذه الوقائع انبرى جنرالات إسرائيليون ليتصدوا لعنتريات بعض المنابر السياسية. ومن هؤلاء الجنرال المتقاعد البارز (إسحاق بريك) الذي حذر من أن إعلان الحرب على لبنان انتحار جماعي وقال إن العاجز عن الإنتصار على جبهة غزة كيف له أن يخوض حرباً على جبهات ست؟!. كما ترتفع اصوات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية المعنية بحياة المستوطنين اليومية مشيرة إلى ما ينتظرهم من مصائب ليس أقلها الكهرباء. وبهذا المعنى تشير وسائل الإعلام العبرية إلى أن المستوطنين يتهافتون على شراء المولدات الكهربائية المنزلية تحسبا لانقطاع التيار إذا نشبت حرب كبرى.
هي حرب تقول الولايات المتحدة إنها لا تسمح بانزلاق جبهة لبنان إليها، وإن كانت قد حذرت من جدية التهديدات الإسرائيلية.
تأكيد عدم السماح بالحرب يناقضه ما نقلته شبكة CNN عن تأكيد الولايات المتحدة لإسرائيل أنها مستعدة لتقديم الدعم الكامل في حال اندلاع معركة شاملة ضد حزب الله.
وفي إطار الحراك الدولي للجم الخيارات العسكرية تبدأ وزيرة الخارجية الألمانية (أنالينا بيربوك) مطلع الأسبوع المقبل جولة في المنطقة تشمل لبنان. ولبنان يواصل مع قبرص سحب فتائل توتر العلاقة بينهما. وبعد رئيس الدولة والمتحدث باسم الحكومة طمْأن وزير الخارجية القبرصي إلى أن بلاده ليست منخرطة في أية عمليات عسكرية ضد لبنان. أما العدو الإسرائيلي فلم يبادر إلى أي خطوة تخفف الإحراج عن قبرص بل إن إعلامه أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أجرى فيها مرات عدة مناورات بشكل علني تحاكي حرباً على لبنان.