هو اليوم الأول من سنوات أربع لخطة ستحتاج إلى قرن كامل ولن تنفذ.. وإذا عزم العرب على تطبيقها فإن إسرائيل نفسها ستعدمها بالرصاص. قبل صفقة القرن كانت مذلة أوسلو وعيارها خمس سنوات لبدء التنفيذ.. صار عمرها سبعة وعشرين عاما من دون أن تطبق إسرائيل بنودها.
وفي قمة بيروت العربية عام ألفين واثنين جاءت مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز وكانت عبارة عن صفحتين من أربعمئة وخمسين كلمة فقط، تشمل فكرة بسيطة وملخصها أن تقدم الدول العربية لإسرائيل أمنا جماعيا واتفاق سلام وحلا لقضية اللاجئين في مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة عام سبعة وستين، والسماح بإقامة دولة فلسطينية، هذه المبادرة رفضتها حكومة آرييل شارون آنذاك.. بلتها وسقتنا أوراقها.
صفحتان اثنتان سجلت عليهما عشرات الاعتراضات فكيف بصفقة قرن متضمنة مئة وواحدة وثمانين صفحة بمئة وثمانين ألف مطب لا أحد سوف يلتزم التنفيذ.. حتى ولو تنازل العرب عن بضع كرامة متبقية فإن تل أبيب سوف تتكفل تعطيل الخطة لأنها كيان يقوم على الاحتلال وقضم الأراضي وتوسيع المستوطنات ولم تكن أوسلو والمبادرة العربية التجربة الوحيدة مع إسرائيل.. وليسأل مجلس الأمن عينه كم من قرار دولي رفضت تطبيقه منذ تأسيسه.. أكثر من أربعين قرارا بينها الخاص بعودة اللاجئين والانسحاب من الأراضي المحتلة وهضبة الجولان وصولا الى المطالب بوضع حد نهائي للمستوطنات، وكلها قرارات دولية تخطتها إسرائيل برفع الفيتو الأميركي وليس غريبا على الولايات المتحدة ألا تعترف بحقوق الفلسطينيين في أرضهم وديارهم إذ إن ديمقراطيتها وإمبراطوريتها أسست على أشلاء الهنود الحمر، وحديثها عن جاذبية الامة الأميركية وتبشيرها بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان ونبذها للعنف والكراهية والتعصب لم تطبق منها شيئا عندما وطئت أقدام رجالها البيض الأرض الجديدة في القرن السادس عشر حيث كانت أعداد السكان الأصليين تتجاوز خمسة عشر مليونا في اميركا الشمالية وحدها.
فأميركا تقوم على أراضي غيرها وترفع مشعل الديمقراطية.. إسرائيل زرعت كيانا واستوردت مستوطنين وصنعت منهم بشرا يحتلون أرضا لأهل مقدسين والعرب على سقوطهم يدفعون الثمن لوحيد القرن ولا حسم في كل هذا الجدل إلا بمقاومة أهل فلسطين وليضربوا بما ملكت أيمانهم. وإذا كان ترامب قد هددهم بالفرصة الاخيرة فإن الفرصة المتبقة هي بالطلقة الاخيرة وببندقية فلسطينية موحدة تجمع شتات الداخل فهذه اسرائيل التي تخاف الحجر.. ويرتعد مستوطنوها من بالونات تطير فوق رؤوسهم حارقة.. ويخافون فروسية فارس عودة وجرأة عمر أبو ليلى وهندسة يحيى عياش وقبلهم ثلة من الشهداء الذين بنوا مجد المقاومة في فلسطين وحدهم.. الارض لهم، وغيرهم هم العابرون ومتى توحدت فلطسين على مقاومة الصفْقة فإن الدول العربية الراعية سوف تخجل من نفسها وباسم صوت عروبي من بيروت هو الرئيس سليم الحص “لا تعولوا على المبادرات الدولية فالدول تحكمها لغة المصالح ولا تفاوضوا محتلا غاصبا لأن المحتل لن يقدم أي تنازل ما دام قويا.. واعتمدوا فقط على سواعدكم في مقاومة الاحتلال ولبنان الذي اختبر تجربة سلاح القوة وبكلام للرئيس نبيه بري يعتبر أن صفقة القرن رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض العربية الفلسطينية بمال عربي”، مؤكدا أن لبنان واللبنانيين لن يكونوا شهود زور في حفلة الإعدام الجديدة للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة وفي مقدمها حق العودة، ولن يقبل تحت أي ظرف أن يكون شريكا في بيع أو مقايضة أي من هذه الحقوق “بثلاثين من الفضة ورفض بري هذا يعكس تخوفا لبنانيا شاملا من خطة توطين الفلسطينين.. وربما يضاف اليها طرد فلسطينين جدد من ارضهم وابعادهم الى لبنان الذي اصبح اليوم دولة خاضعة لسوق الابتزاز الدولي.