اليوم قتلنا من جديد.. ما أبلغ هذه الصرخة لذووي ضحايا انفجار المرفأ بعد تبلغهم نبأ الترحيل السياسي للقاضي فادي صوان وكف يده عن ملف التحقيق.
انتصر الباطل وزهق الحق ونفذت السلطة كل السلطة انقلابا سياسيا قضائيا لازالة بصماتها عن جريمة المرفأ. فابتدعت عبر محكمة التمييز سببا مراوغا يقتل الضحية مرتين.
جمال حجار رئيس الغرفة السادسة الجزائية طبيب الأسنان سابقا اقتلع الأنياب التي كان صوان يسنها في استدعاءات سياسية لن تستثني أحدا .. فانتحل رئيس محكمة التمييز عبارة ” باسم الشعب اللبناني ” وأصدر قرارا هو بحد ذاته يحمل ارتيابا مشروعا.
وتبين لدى القاضي حجار حصول تظاهرة شعبية أمام منزل صوان في الأشرفية وهي المنطقة التي احتملت النصيب الأكبر من انفجار المرفأ وخلص الى أن منزل المحقق العدلي قد تضرر بالانفجار ما يجعله متضررا شخصيا وما يمنعه من الحكم في الدعوى بغير ميل عاطفي ويؤدي الى انعدام الحيادية
لم تأخذ محكمة التمييز بارتياب النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل .. فيما الوزير السابق يوسف فنيانوس لم يكن تقدم بطلب تنحي صوان .. لكن المحكمة تسللت من جغرافيا الانفجار مستندة الى افادة المدير العام لأمن الدولة اللواء المدعى عليه طوني صليبا حيال عقار الأشرفية المسجل باسم منى صالح زوجة المحقق العدلي التي قبضت من الهئية العليا للإغاثة ثلاثة عشر مليون ليرة كجزء من التعويض ولم يكن ينقص قرار محكمة التمييزز سوى اعلان صوان شهيدا من ضحايا المرفأ .. أو الادعاء عليه وسجنه لأنه تجرأ على المس بالكرامات السياسية العليا التي ما على الأهالي المتضررين بعد اليوم سوى ” مرمغتها ” بالأرض كما يفعلون هذا المساء .
مئتا شهيد .. آلاف الجرحى .. مدينة بيروت المنكوبة .. التي سمع العالم دوي انفجارها .. حرقة الأهل على أحباء رحلوا .. كل هذا انتهى بكف يد قاضي التحقيق العدلي .. والأجدى هو كف على وجه السلطة تسددها الأيادي التي غرقت بنارها وأحزانها.
كل الدولة اليوم أصبحت ارتيابا مشروعا .. متهمة من أعلى رأسها الى أخمص وزرائها السابقين والحاليين
فالانفجار الذي هز العالم لم يحرك ضميرا سياسيا واحدا إلى أن أحكم الطوق على قاض أراد سحبهم من أعلى كراسيهم السياسية .
والجميع تحت الشبهة .. لا بل مدان وبدأ التاريخ بلعنه منذ الرابع من شهر آب الحزين .
لقد تمكنوا بالشراكة الكاملة من تفتيت الصوان .. والإجهاز على القاضي الذي كان سيسحب البساط من تحت الحصانات .
وانتشلوا من تحت انقاض منزله ركاما قضائيا .. واتهموه ” بالميل العاطفي ” ..فيما تضرر بيته كان سيعطيه الحافز للتشدد في الوصول الى حقيقة المرفأ.
لكن سلطة الامونيوم .. أعلنت اليوم انتصارها
أصيب المرتابان علي حسن خليل وغازي زعيتر بزهو الفوز على العدو القضائي .. ارتاح يوسف فنيانوس من ريبة الاستدعاء .. طرد جبران باسيل القاضي غير المنتسب الى التيار من الهيكل .. واجتمع رئيس الجمهورية بوزير العدل لتأسيس البديل ..
والوزيرة بدورها تبلغت قرار التمييز وأعلنت أنها ستتخذ المقتضى القانوني .
فمن البديل من صوان ؟ وكيف ستتسلل السلطة الى تعيين قاض يحافظ على وجودها السياسي ؟
اليوم تم اخلاء سبيل فادي صوان من قضية ” ريب فيها ” .. فهل ستبدأ غدا مرحلة اخلاءات السبيل لموقفين محسوبين على القيادات والزعمات.