الرابع عشر من شباط، خرجت هذا العام من الرداء الأسود لتعلنها حقيقة “بالألوان”.. ويفجر فيها سعد الحريري عند الرابعة عصرا شحنة حكومية ناسفة لتضليل قصر بعبدا في مسار التأليف.
والحريري الذي اتهمه رئيس الجمهورية يوما “بالكذب”، رد اليوم من دون الحاجة إلى الاستعانة بالعبارة نفسها في وجه الفخامة، لكنه مضمونا كان يعرض وقائع تقود إلى “أن العهد ما كان على عهده” وارتكب جرم الكذب ست عشرة مرة.. ولا يزال.
قال الحريري بضعا مما لديه.. وهو ردد أمام صحافيي بيت الوسط، أنه لم يدل بالكثير ولم يفرج عن كل معاناته مع الرئاسة، لأنه يبقي على خط مفتوح. أما في الكلام الذي أصبح مباحا، فإن الرئيس المكلف رأى أن الحل هو “كبسة زر”، والزر؟: “حكومة اختصاصيين غير حزبيين، وغير ذلك لا أحد سيساعدنا، والانهيار سيكمل حتى الإنفجار الكبير لا سمح الله”.
ولجأ الحريري إلى اللبنانيين كلجنة تحكيم، على ما سماها: “حملات الإفتراء والخرافات والإتهام بالتعدي على صلاحيات الرئيس الدستورية وحقوق المسيحيين”.. كاشفا أن رئيس الجمهورية “قدم في زيارته الثانية لائحة، بالألوان، لكل الأسماء التي يجدها مناسبة في رأيه للتوزير، وفخامته سلمني اللائحة باليد.. وبعد أربع عشرة جولة تشاور ومحاولات إيجاد الحلول مع فخامة الرئيس، ذهبت إليه وقدمت له اقتراح تشكيلة من ثمانية عشر وزيرا من الاختصاصيين، غير حزبيين، لا ثلث معطل فيها، تجنبا للمفاوضة والمقايضة ومنع النصاب”.
وسأل الحريري: “ثم لماذا يريد الثلث المعطل؟ مما يخاف؟ فخامة الرئيس موجود، ومجلس النواب موجود، ليخبرنا: مما يخاف؟، إلا إذا كان هناك خلف الستارة من يحرك ويشجع”. وأوضح أنه من “أصل ثمانية عشر وزيرا كان للرئيس ستة وزراء والطشناق ضمنا، وبدل أن يقدم الرئيس عون ملاحظاته على التشكيلة، بحسب ما ينص عليه الدستور.. جاء الجواب في الإعلام، في الخطابات، في البيانات، في التسريبات إنها مرفوضة، لأن سعد الحريري هو من اختار الأسماء، حتى ولو من لائحة الرئيس والمقربين منه.. وإن هذا اعتداء على حقوق المسيحيين وعلى صلاحيات الرئاسة”.
واستعرض الحريري مرونة قدمها في كل الاجتماعات، وصولا إلى لقاء بعبدا السادس عشر.. وأنه عرض على الرئيس تغيير الأسماء والحقائب الخمسة واستبدال الإسم المقترح لوزارة الداخلية، من ضمن ثلاثة أو أربعة شخصيات يختار من بينها الأنسب، “فأين الإعتداء على صلاحيات الرئاسة والحقوق المسيحية؟”.
والسؤال كان بمفعول رجعي عندما قال الحريري: “أين كنتم أنتم من حقوق المسيحيين حين بقيت الرئاسة شاغرة نحو ثلاث سنين؟. هذا الكلام لا يقال لسعد الحريري الذي قام بكل شيء ليضع حدا للفراغ في المنصب المسيحي الأول في الدولة، وصولا إلى انتخاب الرئيس عون”. فحقوق اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، كما أوردها الرئيس المكلف هي في وقف الانهيار والقيام بإصلاحات، وتغيير طريقة العمل والعقلية بكاملها، وإجراء تدقيق جنائي في البنك المركزي، وفي كل المؤسسات والإدارات والوزارات: في الكهرباء، في الاتصالات، في السدود، في الصناديق، وفي كل شيء. من عام تسعة وثمانين وحتى اليوم، لتعرف حقيقة ما حصل، وتتم ملاحقة كل مرتكب وفاسد وسارق! وجواب فخامة الرئيس الاولي بصراحة لم يكن مشجعا وعاد إلى نغمة 6 زائد الطاشناق، أي الثلث المعطل، وهذا كما قالها الحريري، وبالاحرف المتفرقة (م س ت ح ي ل).
وفي رد هزيل.. سريع ومختصر غير مفيد، متضمنا أخطاء لغوية.. قال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: “إن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يستغل مرة جديدة ذكرى استشهاد والده، ليلقي كلمة تناول فيها ملابسات تأليف الحكومة العتيدة، وضمنها مغالطات كثيرة وأقوالا غير صحيحة، لسنا في وارد الرد عليها مفصلا، لتعذر اختصار أربع عشرة جلسة ببيان، لكن تكفي الإشارة إلى أن ما أقر به الحريري كاف للتأكيد أنه يحاول من خلال تأليف الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور والميثاق”.
وإذا كان بيان القصر قد جاء سريعا، فإن رئيس “التيار الوطني الحر” سيأخذ وقته مطولا وسيتمعن في الرد من اليوم حتى الأحد المقبل، حيث سيعقد مؤتمرا صحافيا عند الثانية عشرة ظهرا. وإلى حينه يكون نواب “التيار” قد استنفدوا الردود، والتي رفعوا فيها شعار: التدقيق الجنائي، وذلك في رد مطلب الحريري بتدقيق يعود بالزمن الى عام تسعة وثمانين.
لكن الرد الأعنف على الرئاسة وباسيل وعموم “التيار”، جاء من رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط فقال لقناة المستقبل: “هناك اليوم حاكم مدمر وحكم عبثي في بعبدا.. ميشال عون يريد الإنتحار، فلينتحر وحده هو والغرف السوداء والصهر الكريم.. ويا ليته كريم”.
موقف جنبلاط معطوفا على جبهة الرئيس نبيه بري، إذ اعتبر معاونه النائب علي حسن خليل “أن هناك من يريد أن يكرس واقعا ما، يشبه الثلث الضامن في الحكومة.. وأن يؤثر ويمسك بقرارات هذه الحكومة لحسابات خاصة به”.
ومن فوق كل هذه الجبهات، انطلقت اليوم أولى حملات التلقيح رسميا…أول من استحصل من كبار السن، كان الممثل صلاح تيزاني أبو سليم. لقاح لرجل عشنا معه الفكاهة والسخرية. أبو سليم أصبح محصنا…والبقية “للطبل” السياسي الذي ينتظر دوره.