على مبادرة موصولة بجهاز أوكسجين فرنسي وصل وزير الخارجية جان إيف لودريان مقطوع النفس إلى لبنان وفي زيارة تدخل في مندرجات “شم النسيم اللبناني ” جال الوزير الفرنسي بين بعبدا وعين التينة مستمعا قبل أن يعدل مزاجه في لقاءات مختارة من المجتمع المدني وعدد من أقطاب المعارضة في قصر الصنوبر، والعين المراقبة لمسار الزيارة ظلت ترصد طريق بيت الوسط الذي خلا من خرق فرنسي لعزلة الرئيس المكلف سعد الحريري. رمى لودريان آخر أوراقه لحل الأزمة الحكومية اللبنانية وقبل مجيئه إلى لبنان رفع السقف بفرض العقوبات على الشخصيات المعطلة وقال إنها ليست سوى البداية وعلى الدعم الأميركي والأوروبي والروسي وحتى العربي حضر مستطلعا أرض المعركة مستخدما آخر خرطوشة من المبادرة الفرنسية.
انتهى يوم لودريان كما بدأ ولم تسجل جولته خرقا في جدار الأزمة مع استثناء الرئيس المكلف الذي جمد بيان الاعتذار بحسب أوساطه في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الفرنسية اللبنانية وهذه المفاوضات قرئ عنوانها من البيان الرئاسي بعد لقاء لودريان عون فتناول رئيس الجمهورية المراحل التي قطعتها عملية تأليف الحكومة شارحا المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتقه بموجب الدستور والمحافظة على التوازن السياسي والطائفي في تأليف الحكومة وشدد عون أمام الضيف الفرنسي على تكلفة الوقت الضائع لإنجاز عملية التأليف.. وكاد رئيس الجمهورية يطلب الى لودريان تعبئة الخانات والأعمدة والمرجعيات ضمن لائحة التأليف لكن مصادر واكبت اللقاء أكدت للجديد أن لودريان حضر متيقنا أن المبادرة وصلت الى أزمة وجودية، رافعا شعار “أشهد أني بلغت” وعبر عن أن القيادة الفرنسية أدت واجبها تجاه لبنان، غير أن قادته لم يفعلوا ذلك وتابعت المصادر: وكأن لودريان حضر لاختتام المبادرة الفرنسية باحثا عن بديل، وإمكان إرساء معادلة جديدة قوامها: الشعب في مواجهة السلطة بإحياء فرنسي.
دخل الفرنسي الملعب اللبناني وأصبح كلاعب الاحتياط ينتظر بدوره ما ستؤول إليه التطورات المتسارعة في المنطقة وهي زيارة لن تصرف سرعة في تأليف الحكومة بل لتشكل رافعة وانتصارا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شعبيا ودوليا، والزائر الصامت سيغادر غدا العاصمة اللبنانية بمرافقة عصاه التي لوح بها من دون أن يعقد مؤتمرا صحافيا يتناول فيه نتائج الزيارة ومن دون أن ينفذ تعهداته بالتهديد والوعيد ولو على الاقل بالكلام وعليه فإن الأمور في لبنان رهن بخواتيم ما يحدث وراء حدود أزماتنا الضيقة فمحادثات النووي ماشية والتوافق راعيها واللقاءات السعودية الإيرانية على موعد برفع مستواها إلى مفاوضات بين السفراء وعودة العلاقات السعودية السورية تطبخ على نار حامية بمباركة إماراتيةوما على لبنان إلا الانتظار على قارعة التسويات.
وفي الانتظار فإن اللاعب الوحيد في سوق المصارعة اللبنانية هو القاضية غادة عون التي تستأنف ركلاتها لشركات نقل الاموال.
متأهبة ليل نهار في انتظار ضربات الترجيح واعلان حصيلة الداتا التي اصطادتها وإن كان خلافا للاعراف والقوانين.