وضع لبنان الحجر النفطي الأساس على ثروته المذهبة، ودخل رسميا خريطة الدول النفطية، باحتفال رئاسي الطابع، وبحضور سياسي تعالى على الخلافات الداخلية. وهذا الحضور كان قد أخذ شفاعة مار مارون في قداس الجميزة صباحا، حيث جمع قديس الموارنة أطياف البلد، فوصل رئيس مجلس النواب نبيه بري “قبل الكل”، لكن المصافحة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جاءت “على قد الحال”، فيما تجنب وزير الخارجية جبران باسيل أي احتكاك او تقارب من رئيس المجلس، وخرج تحت وابل أسئلة الصحافيين قائلا: خافوا الله.
وبأقل الأضرار الممكنة انتهى القداس، ليتفرغ المتصالحون الجدد إلى الاحتفاء بالدولة النفطية، ورد الخطر القادم من صوب إسرائيل التي أوفدت بعثتها الأميركية إلى بيروت في مهمة استطلاع، فنائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، ما زال ينقب عن مساع يمهد فيها لمهمة الوزير ريكس تيلرسون الهادفة إلى انتزاع الإبراء المستحيل لمصلحة تل أبيب في النفط والغاز من المياه اللبنانية، فإسرائيل لزمت البلوك التاسع لأميركا لاستخراج حق ليس لها، حيث إن الطرفين الأميركي والاسرائيلي يفاوضان على منطقة اقتصادية خالصة تعود إلى الفلسطينيين، وإلى الفلسطينيين وحدهم يعود ريع هذا النفط والغاز الذي تحتضنه مياههم مذ زرعوا في تلك الأرض.
هو التاريخ الذي يوثق وجودهم منذ آلاف السنين، وقبل أن ينشأ كيان محتل، بدأ على نهج الهاغانا واستمر بقاؤه على الدم والقتل والتشريد والاعتقال وسرقة البيوت وهدم المساجد والكنائس، واليوم يسرق ملح البحر وثروة الناس، فالخلاف على البلوك التاسع من وجهة نظر الأميركيين، سوف يعني أحقية على كامل بلوكات الأرض المحتلة لمحتلها، وأنهم سادة الماء بعدما سيطروا على كامل التراب.
وسواء أكان الخلاف مع لبنان أو أي بلد إقليمي آخر، فإن الأميركيين قادمون لنصرة إسرائيل، ووجبت مخاطبتهم على أنهم شركاء للمغتصب، مقامرون مبتزون، وحلفاء لسارقي النفط والغاز الفلسطيني أبا عن جد، ولو كان رئيس فلسطين محمود عباس رجلا غير متردد يسارع إلى اجراء المساومات، لاستعد قبل الآن إلى مقاضاة أميركا واسرائيل معا على السرقة الموصوفة، وانتزاع حق شعبه وأعلن: هذه المياه لي.