Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الجمعة في 2021/01/29

احرقت سرايا طرابلس ومبنى البلدية بمؤلفاتها وملفاتها ليلا… واستكمل قصر بعبدا إحراق السريا الحكومية وإلقاء المولوتوف السياسية على مؤلفها نهارا.

وبين نارين وجائحة، ثمة من يلهو ويلاعب الأزمات ويدخل طرفا في الثورات. فمن تجارب ثورة تشرين كونت السلطة وأجهزتها خبرة بتحريك العسس والأدوات وشكلت قوة ضاربة لكل حراك ينذر بتصعيد… ولن يكون مستغربا دخول كل من أراد التزعم والتحرش السياسي والتعليم على السلطة نفسها وقد يخرج علينا منظرون ومدافعون وأرباب ثروة…

لكن يبقى أرباب الثورة العلامة والعلم وبينهم من هم على قيد جوعهم وفقرهم وعوزهم وسجلهم الحافل “بالتعتير” والذين لن يسمعوا اليوم بصراخ البكائين على تراث المدينة,.. لأنهم من مدن صفيح… ومن باعة لم يعودوا جوالين… ومن خيم ليست مؤهلة حتى لإيواء المشردين.

سيتقاتل الأمن والسلطة ورجال السياسية وكبار الزعماء الماكنين على معرفة من حرق مبنى البلدية وأضرم النار في ذكريات عثمانية… وقد يجري التحقيق مع خمسة إلى عشرة أشخاص… وقد ينقذهم زعيم محلي من غرفة التوقيف… لكن سيبقى في طرابلس جائعون وفقراء وحزام بؤس ودولة لم تقرر بعد صرف الأربعمئة ألف ليرة وتجري تعدادا للسكان قبل أن تكتشف غدا أننا كلنا أصبحنا بلا خط يرسم لنا حدود فقرنا.

وغالبا ما تعرف الأجهزة حارقي المدن والسرايات والعنابر… لكن في لبنان لكل طائفة وزعيم سياسي جهازه الأمني… وإذا ما اعتمدنا شهادة ابن المدينة ومن قدمائها توفيق سلطان، فإن الكل كان يعلم المخطط ولم يتدخل أحد لمنع حدوثه.

جيوش وجحافل من البيانات والمواقف المؤللة رميت على ساحات طرابلس بعد ليلة حارقة للمستقبل والتاريخ فرفض الرئيس سعد الحريري التطرف وقندهار في المدينة وغازل الرئيس نبيه بري قلبا على الشمال… وتطوع الرئيس نجيب ميقاتي مقاتلا شرسا لا ينأى بالنفس بعدما تهددت جامعة العزم… وحدد رئيس الجمهورية الحمض السياسي للفاعلين قائلا إن هوياتهم معروفة.

وبدأ الجيش بالتوقيفات، معلنا عن خمسة اشخاص بينهم سوري, وانعقد اجتماع امني رفيع المستوى برئاسة وزير الداخلية محمد فهمي خلص إلى أن ما حدث في طرابلس لا يمت الى ثورة الجياع بصلة لكن من بين كل هذه المواقف هناك تحد رسمه بدقة الرئيس حسان دياب يكمن في القبض على المجرمين واحدا واحدا، وإحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم. والتحدي أيضا في فتح تحقيق يحدد المسؤوليات فهل نصل الى هذا الهدف؟

التجارب السابقة لا تبشر بنتائج واعدة… وغدا ومع تحديد الهويات يتبين أن الفاعلين كانوا برعاية المنتجين.

ولأن الالولوية هي طرابلس وحقيقة نيرانها… فإن الوقت السياسي أضرم النيران اليوم على جدل التأليف حيث انهمرت القنابل الاتهامية المسيلة للدموع بين الرئيسين ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.

ومن صفحات سالت عليها دماء الرود والاتهامات والتعبئة السياسية، يستنتج ان المعركة تدور رحاها على ثلث معطل من دون زيادة او نقصان.

فرئيس الجمهورية ينفي على الورق مطالبته بالثلث… لكن مضمون كلامه يؤكد هذا المطلب عند كل سطر وفاصلة وهو قال: سعد الحريري لا يريد تأليف الحكومة. سايرناه في حكومة من ثمانية عشر وزيرا. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو.

لن نتحدث من الآن فصاعدا إلا في حكومة من عشرين بإضافة وزيرين: درزي وكاثوليك” أريد التعاون معه لكن هو الذي لا يريد”.

التف رئيس الجمهورية على الثلث المعطل… فهو لا يريده من حكومة الثمانية عشر لكنه سيفرضه بحكومة العشرين من الدرزي لطلال أرسلان والكالثوليكي القريب.

وقد رد الحريري بأن الثلث المعطل له شأن آخر يقودنا الى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية، وهي ورقة تشكل خرقا تاما لمبدأ تشكيل حكومة من اهل الاختصاص، وتستدرج التشكيلة تلقائيا الى خانة الثلث المعطل. وبتبادل التعطيل… فإنه لا حكومة ولا من يؤلفون… ولا زيارة حاليا للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل أن يجري تدقيقا سياسيا في بضعة عوامل اساسية كشف عنها اليوم معلنا أن “النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب”.