وجد القضاء مضرجا بقضاته اجتمع بأعلى درجاته لكن غادة عون كانت الأعلى وفرضت على أعضائه البحث عن تسوية يموت فيها الديب والأغنام القضائية معا. ولساعات ست وعلى قرقعة طبول المؤيدين والمعارضين التي سمعت الى داخل القاعة كان مجلس القضاء الأعلى يسوي أوضاعا ويبحث عن مخارج.. من دون أن يسير في ركب الانتفاضة أو أن يتخذ قرارات تطلب الإحالة إلى التفتيش، سواء لقاضية العهد أو لأي من القضاة المختومين سياسيا.
استأنس المجلس بالمداولة وأبقى على جلساته مفتوحة ووجه الدعوة الى القاضية عون للمثول أمامه غدا حتى إنه يتجنب خدش مشاعرها عبر مصطلح:استدعاء وبموجب هذه الدعوة فإن المجلس يكون قد “عزم” غادة عون على فنجان قهوة.. يشبه “البن السياسي” الذي كان يقدم كإغراء لحضور الوزراء ولم يعرف ما إذا كان القضاء الأعلى قد تأثر” بموجة تاخذه وموجه تجيبه” من شارعي التظاهر أمام قصر العدل، والذي شهد على تنفيذ أمر مهمة التزمه التيار الوطني الحر دعما للقاضية عون وتشاء الكاميرا أن تلتقط أمر فك التظاهرة على هواء الجديد مباشرة وفي أثناء تلاوة مطالعة المحامي وديع عقل وهذا كان مؤشرا إلى أن الحشد الشعبي لعون.. تصدره قيادة التيار ولم يكن عفويا من شعب غاضب .
وسواء في ساحة السابع من آب أو طلوعا نحو مبنى قصر العدل فإن الأوضاع القضائية تثير هذه المرة الريبة المشروعة لأن هيكل العدل يتداعي ويفرض واقعا هو الأسوأ في تاريخه وهو سيستكمل مسيرة انهياره إذا سار على خطى التسويات، لاسيما مع بروز معلومات ترشح إقدام القاضية عون غدا على الرد وفق معادلة الردع: الادعاء على القاضي غسان عويدات في مقابل قرار كف يدها.
عويدات-عون.. والبادئ سيراه التيار أظلم في معركة قد تقود الوطني الحر الى خوض حروب في مناصب القضاء الأولى وكل الدروب تندلع منها الحروب.. ليس على محراب العدل فحسْب بل في جبهات التشكيلات القضائية المنومة مغناطسيا في قصر بعبدا.. والأخطر في مشروع قانون السلطة القضائية المستقلة الذي لم يعرف طريقه الى الإقرار منذ منتصف التسعينيات في اقتراح الرئيس حسين الحسيني والمراجع النيابية الكبيرة في حينه، جاء الاقتراح وقتئذ متماسكا حارسا لسلطة العدل وحاجبا عنها اليد السياسية. لكنه سكن أدراج مجلس النواب وأجهضته مطرقة الرئيس نبيه بري.. إلى أن بدأ رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان الاقتراح البديل.. تغير الزمان ولم تتبدل النظرة إلى استقلالية سلطة القضاء “وعس” المقترح في اللجنة طويلا وسط اتهامات لرئيسها بأنه ينفذ أجندة بري.. لكن عدوان وفي حديث الى الجديد أكد اليوم أن أحدا من الرؤساء لم يتصل به ولم يوح له بفض العروض وفي الوقت نفسه فإن المشروع لن يبصر النور قريبا وهو أحيل الى شهر تشرين الثاني المقبل قبل أن يدرج في جدول أعمال الهيئة العامة،
وحتى ذلك الحين “إذا بقي من شعب على قيد الحياة” فإن كل فريق يخوض معاركه على طريقة حصد الشعبية ونفض اليدين مما اقترفته الاثام السياسية، فحركة امل بنائبها علي حسن خليل احتكمت الى طريق الثورة.. ايلي الفرزلي الى الانقلاب العسكري.. جبران باسيل نحو الحرب العالمية في التدقيق الجنائي.. سمير جعجع يريدها انتخابات نيابية مبكرة لجمع حواصل رئاسية.. سعد الحريري يصلي عن أرواح اللبنانيين في رحلته الى الفاتيكان.. وميشال عون ينتظر نهاية “شم الهوا”، فيما فريقه يستمر في “أكل الهوا”.. وتعطيل التأليف حتى ولو تضور الشعب العظيم جوعا وحده حسان دياب يحارب من دون سلاح ويضرب محاولة في دولة قطر.. لاستجداء المساعدة وان في مرحلة رفع الدعم والبطاقة التمويلية.
لبنان المغلق والمفتوح على حصار قاتل.. تسبقه المنطقة إلى أنباء تبدو سارة.. وذلك بعد نجاح العراق في لقاح التفاوض بين إيران والسعودية.. وإعلان الاتحاد الأوروبي عن تفاوض بناء في فيينا.