خيمة التفاوض غير المباشر بين لبنان والعدو الاسرائيلي برعاية اميركية في الناقورة لم تخرج عن الخط وعكست اجواء الوفد اللبناني مواقف عسكرية آمرة ..تلتزم حدودنا وتطمئن الى أنه لن يضيع حق وراءه مفاوض بمرسوم أو من غير مرسوم وهذا الحق رسخه الوفد بمساحات تدخل آلاف الكيلومترات المربعة في عمق المياه البحرية الخالصة على قاعدة النقطة التاسعة والعشرين وستستأنف المفاوضات في جولة سادسة يوم غد.
وعلى توقيت الترسيم الحدودي البحري يدخل الفرنسي المنطقة السياسية الخالصة “المخلصة” منزوعة أوراق التفاوض ويصل وزير الخارجية جان ايف لودريان إلى بيروت حاجزا منصتين سياسيتين فقط: رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري مع إمكان التعامل بالسوق السوداء مع الرئيس المكلف سعد الحريري غير المدرج على المنصة الرسمية لغاية الآن، وقد ترك هذا الاستثناء احتقانا كبيرا لدى الحريري الذي لم تنف أوساطه للمرة الأولى كل ما يجري تداوله عن احتمالات التنحي كخيار أخير.
وبموقف مستنسخ أسبوعيا ويحمل صفة المكرر من دون المعجل كان تكتل جبران باسيل يدعو الرئيس المكلف الى أن يبادر فورا الى تقديم تشكيلة حكومية كاملة تتضمن بوضوح توزيع الحقائب على المذاهب وتحدد المرجعيات معتبرا أنها “جريمة وطنية أن تكون قد مرت فترة سبعة أشهر من دون إنجاز هذا الأمر البديهي، وهذه دعوة تحمل في باطنها بطاقة التنحي والتحفيز على المغادرة لكن الرئيس المعني بها لم يتخذ خياراته بعد وهو ينتظر انتهاء جولة لودريان ومفاعيلها وما إذا كانت تبعاتها عقابية أم سياسية تدفع في اتجاه الحل.
حتى الساعة فإن الغموض يلف زيارة الناظر الفرنسي وذلك بعد تسعة أشهر من إطلاق مبادرة ماكرون فهل تكون زيارة للمجازفة أم المجاملة أو ستندرج ضمن جولات ” شم النسيم السياسي” سيدفع لودريان للحل في أزمة تأليف الحكومة أم أنه زائر لإنقاذ مبادرة ماكرون التي أطلق عليها اللبنانيون رصاصات الرحمة ولن يتم عزل الجولة الفرنسية عن محيطها سواء في التفاوض الإيراني الأميركي السعودي أو التقارب السوري السعودي وبوادر الانفتاح الدبلوماسي بين الطرفين الذي لم تنفه أي من الرياض أو دمشق فهل تأخذ زيارة لودريان بهذه العوامل؟ وماذا عن الكتل الهوائية الروسية؟ ومن بين علامات الاستفهام أن وزير الخارجية الفرنسية لم يحدد ما اذا كان زائرا بحقيبته الدبوماسية أم مفوضا من الاتحاد الاوروبي .. والاهم ماذا عن الضمانات التي سيحملها لودريان ومن سيلتزمها بعدما أصبح سلاح العقوبات منعدم الفائدة.
بعبدا متأهبة .. أما بيت الوسط فأقرب الى الحرد السياسي ..وساكنه ينتصف الخيارات ويخضعها للفحص الجنائي بعد أن شعر باستبعاده من دائرة التواصل وتستغرب أوساط سياسية، كيف يأتي وزير خارجية فرنسا الى بيروت للضغط في اتجاه الحل ثم يستثني من هو مكلف تأليف هذا الحل إلا إذا كان لدى لودريان خطة واضحة وجاهزة تقضي بإقناع رئيس الجمهورية بالتوقيع على تشكيلة الحريري الموجودة لديه في قصر بعبدا منذ أشهر.. ومن دون تعبئة ” الخانات ” والجداول و” العواميد” وملحقاتها من تطبيق المعايير والمواثيق.
وفي ضوء ما ستفرزه لقاءات الموفد الفرنسي فإن لبنان على موعد مع زائر العتمة بعد أخذ المجلس الدستوري بطعن تكتل الجمهورية القوية وأوقف العمل بقانون السلفة في موضوع الكهرباء من خزينة مفلسة أصلا لكن الجمهورية القوية استقوت على التيار الكهربائي نكاية بالتيارات السياسية ولم تقدم حلا بديلا من السلفة ووضعت الشعب اللبناني مجددا تحت رحمة مافيا أصحاب المولدات ورهينة الظلام الشامل.