من شمال لبنان إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وعلى امتداد دوائره الانتخابية، وفي بلدان الانتشار، كل الجبهات الانتخابية مشتعلة بين متنافسين، لكن عدوا واحدا بثلاثة رؤوس يتربص شرا بجميع اللبنانيين من دون استثناء:
الرأس الأول، المال السياسي الانتخابي، الذي تؤكد التقديرات أنه يتفوق هذه المرة الدورات الانتخابية السابقة مجتمعة، وهو ممارس من جانب مرشحين يستغلون حاجات الناس، وقوى سياسية تستثمر فيها دول خارجية، ويترجم ذلك بالحملات الإعلانية الضخمة وشراء الضمائر، ويتحمل مسؤوليته بالتساوي الراشي والمرتشي في آن معا، حيث أن ثقافة شراء الأصوات كما بيعها، ينبغي أن تنبذ من الشعب بكامله إذا كان تواقا إلى بناء دولة، والعيش في وطن.
الرأس الثاني، التضليل الإعلامي المركز والممنهج، الذي يصوب الاتهامات في اتجاه واحد حصرا، حيث أصدر البعض حكما بالبراءة عن ارتكابات السنوات الثلاثين الماضية بحق الجميع باستثناء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، وراحوا يتبارون في كيل الاتهامات، تارة بالفساد وهم أفسد الفاسدين، وطورا بالعمالة لسوريا وإيران والتبعية لحزب الله، وهم عتاة العملاء، وأوقح الأتباع، ليس فقط في لبنان، بل على مدى العالم كله. فكيف مثلا لمنظومة سياسية سرقت شعبا كاملا، ونهبت مقدرات دولة بأمها وأبيها، أن تتجرأ بلا أي خجل، على مهاجمة أصحاب المشاريع الإصلاحية، والطروحات الإنقاذية، ومن دون أن تكلف نفسها حتى عناء تقديم البديل، انطلاقا من منطق “قوم يا تيار لإقعد مطرحك وبعدين منشوف”.
الرأس الثالث، الوراثة السياسية التي تتجلى بأبهى الحلل هذه المرة، في معظم الدوائر، مع فرق بسيط، وهو أن هؤلاء يقدمون أنفسهم للناس على أنهم تغييريون، وجزء من الثورة، على اعتبار أنهم وآباءهم وأجدادهم ومدارسهم السياسية لا علاقة لها بكل ما حل بلبنان، وأن الضرر والخراب محصوران في السنتين الأخيرتين فقط لا غير.
دخول لبنان منتصف هذه الليلة الصمت الانتخابي استعدادا للمرحلة الأولى من انتخابات المنتشرين الجمعة المقبل، وقبل أحد عشر يوما
من الانتخابات النيابية في 15 أيار، نكرر: تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكذب المركز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019. ولما تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية. واجهوا الكل، وأوعا تخافو من حدا، مين ما كان يكون.