في الماضي الأبعد، كان يقال: الوعود كثيرة، وكثيرون لا يصدقون.
وفي الماضي الأقرب، صار يقال: الوعود كثيرة، والجميع لا يصدقون.
أما اليوم، فيقال: ففي الملف الحكومة، لا وعود ولا من يصدِّقون الوعود، بل كل ما في الامر، كلام تهدئة يردد في الإعلام، وعلى ألسنة بعض السياسيين. أما على أرض الواقع، فلا تأليف، ولا صيغ جديدة متداولة، تصحح الأخطاء الجوهرية التي تضمنتها التشكيلة الأولى التي رفعها رئيس الحكومة المكلف إلى رئاسة الدولة.
وفي ملف الإصلاحات، لا وعود ولا من يصدِّقون الوعود، بل كلّ ما في الأمر، أن بعض القوى السياسية يطالب، وأن عددا من السفراء يكرر الربط بين تلك الخطوات والمساعدات المرتقبة من صندوق النقد الدولي، فيما الناس ينتظرون، وقد ملوا الانتظار.
وفي ملف الترسيم، لا وعود ولا من يصدِّقون الوعود، بل كل ما في الأمر أن عنص المقاومة ضاغط في نظر الأميركيين وجميع المعنيين بالتنقيب عن النفط والغاز، ومن هنا وتيرة المشاورات المتسارعة، في موازاة تسريبات يومية، عبر الإعلام الإسرائيلي بشكل خاص، عن احتمالات وسيناريوهات.
وفي الملفات الحياتية، من دواء وكهرباء وماء ومحروقات ورغيف، لا وعود ولا من يصدق الوعود، بل مجرد اجترار للصيغ الترقيعية، التي تهرِّب بعض المسؤولين لبعض الوقت الى الأمام، وتؤجل الحلول الجذرية، لكنها لا تلبث أن تنفجر من جديد، كما يحصل راهنا مع موظفي القطاع العام على سبيل المثال.
أما العنوان السياسي الأبرز هذه الأيام، والذي تجاوز يوما بعد يوم سائر الأولويات، فانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، الذي تبدأ مهلته الدستورية في الأول من أيلول المقبل، واليوم جدد البطريرك الماروني التطرق الى الموضوع في عظة قداس عيد مار شربل، متمنيا على الأطراف التموضع وطنيا وخلق مناخ إيجابي لتأمين تشكيل حكومة وانتخاب رئيس. وأضاف البطريرك: وحين ندعو إلى انتخاب رئيس لا يشكل تحديا لهذا أو ذاك، نتطلع إلى رئيس يلتزم القضية اللبنانية والثوابت الوطنية وسيادة لبنان واستقلاله، ويثبت مبدأ الحياد، إذ لا نستطيع أن ننادي بحياد لبنان ونختار رئيسا منحازا للمحاور وعاجزا بالتالي عن تطبيق الحياد، والرئيس الذي لا يشكل تحديا ليس بالطبع رئيسا لا يمثل أحدا ولا رئيسا يخضع لموازين القوى. غير ان بداية النشرة لم تكون من يوميات السياسة، بل من قضية توقيف الرائد ميشال مطران التي شغلت الرأي العام في الساعات الأخيرة.