لولا برامج الحوار السياسي وضيوفها، لأمكن القول بلا اي مبالغة الا احد في لبنان يشعر بأن البلاد في الشهر الاخير من ولاية رئاسية، او ان هناك جلسة انتخاب رئاسي بعد ثلاثة ايام.
فعلى المستوى الداخلي، المرشحون الجديون غير معلنين، اما ترشيحات الوقت الضائع فيدرك اصحابُها قبل الآخرين ان حظوظَهم معدومة، طالما يصرون على التحدي ورفض الحوار للوصول بالاستحقاق الى بر التوافق حول اولويات معينة، يصبح بعدها شخص الرئيس المقبل تفصيلا.
والمفارقة في هذا الاطار، ان السياسي الوحيد الذي طرح برنامجا مفصلا بالاولويات، هو حتى اللحظة غير مرشح، بينما اللاهثون خلف ترشيحات وهمية لا يبيعون الناس الا الكلام الفارغ والشعارات الطنانة الرنانة، على نسق “بدنا وفينا”، علما ان جميع هؤلاء “ما بدن”. وفي الاساس، لو افترضنا “انو بدن”، فالواضح “انو ما فين”.
اما على المستوى الخارجي، فالهمّ في مكان اخر، ذلك ان التطورات المتسارعة في الحرب الروسية-الاوكرانية باتت الشغل الشاغل. اما الملف اللبناني، فمتروك لزيارة سفير من هنا وتغريدة سفيرة من هناك، لا اكثر ولا اقل.
غير ان الانشغال الدولي عن لبنان، يقابله اهتمام منقطع النظير بانجاز ملف الترسيم، الذي بلغ في الساعات الاخيرة درجة متقدمة جدا قد تتحول في اي وقت الى نهائية.
وبناء عليه، أمل الرئيس العماد ميشال عون اليوم في إنجاز كل الترتيبات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية خلال الأيام القليلة المقبلة بعدما قطعت المفاوضات غير المباشرة التي يتولاها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين شوطاً متقدّماً، وتقلّصت الفجوات التي تم التفاوض في شأنها خلال الأسبوع الماضي.
واعتبر الرئيس عون أنّ الوصول إلى اتفاق على ترسيم الحدود يعني انطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول اللبنانية الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي سوف يحقق بداية دفع جديد لعملية النهوض الاقتصادي.