بعد ثلاثة وثلاثين عاما على الطائف، لبنان بلا رئيس، ولا حكومة، ولا اقتصاد، ولا مال، ويكاد يكون بلا شعب بفعل هجرة اللبنانيين ونزوح السوريين وبقاء مأساة اللجوء الفلسطيني بلا حل.
بعد ثلاثة وثلاثين عاما على الطائف، الميثاق في خطر دائم، والدستور لا يطبق، والثقة مفقودة بين مكونات الوطن، بعيدا من الانشائيات والقصائد التي يتبارى على تلاوتها البعض، بمناسبة او من دون. بعد ثلاثة وثلاثين عاما على الطائف، علاقاتنا الاقليمية والدولية بلا توازن، والتدخلات الخارجية في شؤون لبنان باتت من اليوميات، اما الحرية والسيادة والاستقلال فكلمات لم تعد واقعية في ظل المشهد القاتم: فمنذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، انقسم تاريخ لبنان الى مرحلتين: اولى للوصاية السورية برضى اقليمي ودولي، وثانية لتناتش الوصايات بين الجميع.
اما المطلوب اليوم، من جميع اللبنانيين من دون استثناء، وحتى اولئك الذين كان لهم موقف سلبي من الاتفاق منذ اقراره، فثلاثة امور:
الامر الاول، تطبيق البنود المتبقية بعيدا من اي انتقائية، بروح الوفاق، وبهدف انقاذ البلاد من الوضع الذي وصلت اليه.
الامر الثاني، تحديد الثغرات بصراحة تامة، بنية التصحيح، وهدف الانقاذ، سواء بالتوافق على التفسير، او عبر الآليات التي ينص عليها الدستور.
الامر الثالث، اطلاق ورشة اصلاحية شاملة، لا مفر منها لبدء النهوض الاقتصادي الموعود بالتعاون مع الجهات العربية والدولية الصديقة والمعنية.
وفي النهاية، وللتاريخ، لا بد من التذكير، بموقف كبير من لبنان، لا تزال كلماته الى اليوم عرضة للتشويه والتزوير. فهو وحده الذي حذر قبل ثلاثة وثلاثين عاما من ان الطائف لن يؤدي الى سحب القوات السورية من لبنان بعد سنتين، في وقت كان الآخرون يبشرون بالعكس. وهو وحده الذي نبه الى ان التشابك الذي اوجده الاتفاق بالصلاحيات، يجعل لبنان غير قابل للحكم والحياة الا بوصاية خارجية، وهذا ما حصل: فمنذ عام 2005، لم ينتخب رئيس الا بعد فراغ، ولم تشكل حكومة الا بعد اشهر من التأخير.
قبل ثلاثة وثلاثين عام، طالب العماد ميشال عون بفاصلة اضافية على الطائف كي يصير قابلا للحياة. وبعد فاصلة زمنية من ثلاثة وثلاثين عاما، لا يزال البعض يعاندون ويكابرون ولا يعترفون ان الرئيس العماد ميشال عون كان على حق.