الحدث الابرز في الايام المقبلة سيكون بلا ادنى شك، لا الجلسة الرئاسية المقبلة، ولا الاستفزازات الحكومية الميقاتية المستمرة، بل وصول الوفد القضائي الاوروبي الى لبنان، والتحقيقات التي سيبدأها على مراحل عدة مع مسؤولين لبنانيين على مختلف المستويات.
وبغض النظر عن تفاصيل التحقيقات والنتائج التي لا يجوز استباقها بأي شكل من الاشكال، تبقى العبرة من الذي يجري بثلاثة اوجه:
الوجه الاول، قضائي اوروبي، بمعنى انه يؤشر الى جدية المسارات التي انطلقت في اكثر من دولة، والتي حاول ويحاول كثيرون من المتضررين التخفيف من وطأتها وفاعليتها.
الوجه الثاني قضائي لبناني، فلو تمكن القضاء اللبناني من القيام بواجباته لما كان من داع لقدوم قضاة اوروبيين، ولعل في التغريدة الاخيرة للرئيس العماد ميشال عون خير تعبير عن هذه النقطة بالتحديد، حيث اعتبر ان “سقوط القضاء اللبناني فتح الطريق لتدخّل القضاء الأجنبي”، قبل ان يسأل: “هل يستطيع من تبقّى من شرفاء القضاة استعادة الثقة المفقودة واسترجاع هيبة قضائنا”؟
اما الوجه الثالث، فسياسي لبناني، ذلك ان قدوم الوفد الاوروبي لا يعني الا امرا واحدا وهو انعدام الثقة بالمؤسسات اللبنانية على اختلافها في احقاق الحق، وعلى تطهير ذاتها بذاتها من اوجه الفساد، وما عرقلة التدقيق الجنائي المستمرة حتى اليوم الا احد الادلة الى ذلك… ويأتينا من يزايد في الحرص على السيادة خوفا من قضاء اوروبي، فيما ابواب الوطن مشرعة على كل اشكال التدخلات بفعل عجز طبقة سياسية بغالبيتها عن ادارة البلاد بشكل بكل التضحيات التي بذلت على مدى سنين في سبيل هذا الوطن.
لكن قبل العودة الى تفاصيل الموضوع، تبقى البداية لليوم الثاني على التوالي من وداع الراحل وديع جورج وسوف.