لا صوت يعلو فوق اصوات الاستغاثة من تحت الانقاض التي خلفها الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، ولا اولوية ينبغي ان تتقدم اليوم على اعمال الانقاذ، من دون تمييز بين انسان وانسان على اساس سياسي، كما هو حاصل بالنسبة الى الشعب السوري المتروك لمصيره، لولا مواقف بعض الدول المساندة، ومنها لبنان، الذي فقد الاتصال بعدد كبير من بناته وأبنائه، الذين تنتظر عائلاتهم الخبر اليقين بقلق وقهر.
واليوم، أجرى الرئيس العماد ميشال عون اتصالا هاتفيا بالرئيس السوري بشار الاسد، معربا عن تضامنه مع الشعب السوري في محنته، وسائلا الله أن تنتهي هذه المأساة في أسرع وقت ممكن. وفي سياق متصل، دعا الرئيس عون المجتمع الدولي، وبشكل خاص الدول العربية، إلى تجاوز كل الاعتبارات والمواقف السياسية والمسارعة إلى نجدة الشعب السوري لاسيما في الأماكن المنكوبة والمساهمة في أعمال الإنقاذ. واعرب الرئيس عون كذلك عن ألمه للضحايا الذين سقطوا في الزلزال الذي ضرب مدنا وقرى تركية، متمنيا الشفاء للجرحى وإنقاذ المفقودين.
اما على المستوى السياسي المحلي، فلم يرشح عن مؤتمر باريس الخماسي ما يكفي من معطيات ليبني أفرقاء الداخل عليه، ما خلا بعض التحليلات الفارغة من المضمون، والافكار المسبقة سلبا ام ايجابا، التي لا تقدم او تؤخر.
وفي غضون ذلك، يستمر التهويل بانتخاب رئيس بأصوات خمسة وستين نائبا، بينهم عشرة مسيحيين على الاكثر، مع مشاركة مسيحية رمزية تقتصر على تأمين النصاب، بما يعيد الميثاق الى الحيز الشكلي، ويدفع بالعيش المشترك والوحدة الوطنية والاحترام المتبادل بين مكونات الوطن نحو المجهول… كل ذلك، فيما يتحمل اطراف مسيحيون مسؤولية كبرى في الاحجام عن الاسهام في التوصل الى تفاهم على مرشح يقلب المقاييس ويعيد التوازن الى المعادلة الرئاسية، بناء على الوفاق.
فالقوات رافضة بكل وضوح لدعوة بكركي الحوارية، وتحاول بشتى الطرق ان تتفادى طرح مرشحين لا يدورون بالكامل في فلكها، مع علمها المسبق باستحالة ترشيح رئيسها سمير جعجع، وبالحظ الرئاسي المعدوم للنائب ميشال معوض، فضلا عن توجسها الاكيد من الحركة التي يتولاها وليد جنبلاط.
اما رئيس المردة، فلا يناسبه ابدا عقد اجتماع في بكركي، لأن سائر الافرقاء المشاركين فيه لا يؤيدون ترشيحه، ويرفضون وصوله الى بعبدا، حتى ولو تطلب الامر من القوات والكتائب وآخرين تبديل موقفهم من مسألة النصاب، والاتجاه نحو التعطيل على عكس الفراغين الرئاسيين السابقين.
وفي غضون ذلك، يواظب رئيس حكومة تصريف الاعمال على عقد جلسات حكومية خارج الاطار الدستوري والميثاقي، متسلحا بدعم افرقاء يتذرعون بحاجات الناس، التي يمكن محاكاتها وفق آليات اعتمدت سابقا، وباتت مرفوضة اليوم.