عندما يقول رئيس الجمهورية إن تشكيل الحكومة أسرع من المتوقع، وعندما يعلن رئيس المجلس النيابي ان الفول اجتمع أخيرا مع المكيول، وبلغت الحكومة خط الوصول مع انتهاء الأمتار الأخيرة من السباق، كما أعلن الرئيس المكلف، وعندما يعلن وزير المال ان الحكومة أسرع من لمح الصر، وعندما يقول وزير الخارجية إن الحكومة مسألة أيام وهي العيدية، وعندما يتوج كاسر الأمواج وكاسحة الألغام العباس ابراهيم مساعيه بالقول إن ميلاد الحكومة وميلاد السيد المسيح فأل خير للبنان، عندما تجتمع الايجابيات في مواقف هذه الشخصيات من جهة، وتنصب الحواجز والعوائق أمام الأمتار الأخيرة من التأليف من جهة ثانية، فهذا معناه ان وراء الأكمة ما وراءها، وان الإحجام بعد الإقدام يخفي نيات تسميم الأجواء وتعميم الاحباط وتحجيم الكبار، وهذا حلم لا بل وهم لن يتحقق.
على ضفاف المبادرة التي قادها بجدارة وحكمة واقتدار اللواء عباس ابراهيم، مكلفا ومفوضا من رئيس البلاد، وكان مقدرا لها ان تعبر مجرى التأليف بسلام لتصل بأمان إلى بر بعبدا، نبتت فجأة فطريات اقتحمت المشهد، وأخذت لها مكانا في الصورة ما قبل التذكارية للحكومة العتيدة.
خلط أوراق أم حرق أوراق أم محاولة لاغراق الحكومة لتعويم طرح جديد- قديم؟. “اللقاء التشاوري” يسحب تسمية جواد عدرا، الذي لم تلتقط صورة له مع “اللقاء التشاوري” الذي سماه وعاد اليوم وأنكره قيل صياح ديك التوليفة النهائية. قاسم هاشم سماه لكن التشاوري لم يتبنه. جواد عدرا مسمى من “التشاوري” لكنه من حصة رئيس الجمهورية، قرر ان يلتزم مستقبلا بما يقرره الرئيس وليس “التشاوري”. سحبت منه الثقة قبل طرحها في الحكومة. غادر ولم يعد إلى “التشاوري” الذي بدأ البحث عن بديل للبديل، بما ان الأصيل من بين الستة ممنوع من الصرف عند رئيس حكومة تصريف الأعمال.
لكن وعلى الرغم من الغيمة السوداء التي اعترضت سماء صافية اليوم، فإن الأرصاد السياسية لا تتوقع عاصفة حكومية، ولا انحسارا في الأجواء الواقعية، بل المزيد من جهود التذليل، ومساعي التسهيل في الساعات المقبلة، لقطع الطريق على نقيق بعض الضفادع، ونعيق بعض الغربان، ووجوه البوم الذين يسارعون إلى ملء الفضاء والسماء والأجواء بما تجود به حماقتهم وضحالتهم من تنبؤات صفراء وتوقعات جوفاء.
الزمن زمن ميلاد، أي زمن تجسد المخلص، وسنخلص وطننا ونوصله إلى بر الأمان، كما قال الرئيس عون قبل قليل في بعبدا، وهكذا سيكون.