طويت صفحة رياض سلامة. على الأقل هذا ما حسمه اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم: “فكرة التمديد التقني لرياض سلامة أو حتى إعادة تعيينه أو تكليفه بتصريف الأعمال كلها أفكار مستحيلة، لا يمكن لأحد تحملها”.
على الأقل، ثمة من اعترف أخيرا ان لا جدوى من الاستمرار في محاولة إبقاء حاكم لبنان جاثما على جثة لبنان النقدية، رغما عن كل الكلام القضائي الاوروبي بشكل اساسي. أعطي سلامة، على ما يبدو، الضوء الأخضر لجمع أوراقه وملفاته وأغراضه من مكتبه في الطابق السادس في المركزي، مع بدء العد العكسي لأسبوعه الأخير على رأس الحاكمية، من دون أن يعطى الضوء الأخضر النهائي حتى الآن لملاحقته جديا في لبنان.
مورست كل اساليب التخويف والتهويل بتسويق انهيار تاريخي قادم لا محالة لسعر الصرف، فيما العملة الوطنية قد فقدت 98% من قيمتها. فالليرة يقول كثيرون إنها انتهت. وموظفو القطاع العام يعيشون المأساة. والشعب اللبناني أصلا هو الوحيد الذي تحمل الى الآن كل الخسائر.
وإذا كان مصير رياض سلامة، قد حسم مبدئيا، فإن مصير الحاكمية لم يحسم بعد، ويبدو انه سينتظر 48 ساعة إضافية، وهي المهلة التي منحها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لنواب الحاكم الأربعة الذين التقاهم في السراي الكبير اليوم لإعطاء أجوبتهم. اللقاء الايجابي كما وصف، لا يعني ان النواب الأربعة تراجعوا عن قرار الاستقالة الجماعية. فالسيناريو مرسوم بإحكام … أعلنه بري وأيده ميقاتي: سيستقيلون، لكنهم لن يتركوا مسؤولياتهم، باعتباره حلا لحفظ ماء وجههم بعد استفاقتهم المتأخرة.
يستقيلون بعدما فشلوا بالحصول على غطاء سياسي تشريعي وحكومي للاستمرار بسياسات رياض سلامة، لكنهم يبقون بحكم القانون في مواقعهم لتسيير المرفق العام بمجرد رفض حكومة تصريف الأعمال لاستقالتهم. لكن كل ذلك، لن يعفيهم من المسؤولية. وإذا كان الخوف من اتهامهم ب”الخيانة العظمى”، فالخيانة حصلت فعلا يوم صمتوا أكثر من ثلاث سنوات عن ارتكابات “حاكم لبنان”.
أربعة ايام عمل متبقية لرياض سلامة. ما بعده لن يكون حكما كما قبله، وهو ما يفسر ضياع طبقة سياسية كاملة، مستعدة لإحراق البلد حتى لا تحرقها عدالة شعب، “مهما تأخرت … جايي”.