في الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، تسابق اركان المنظومة على التصريحات والتغريدات، فيما العدالة ضائعة، لأن جهات معروفة لا تريدها، وتفضل طمس الحقيقة وادخال الجريمة في غياهب النسيان، وكأن الزلزال لم يقع، والشهداء والضحايا لم يسقطوا، والدمار لم يحصل على الاطلاق، والمشاهد المرعبة التي يتناقلها الناس الى اليوم عن قنبلة هيروشيما البيروتية من نسج الخيال.
انها سياسة الافلات من العقاب اياها، التي تحاول المنظومة تعميمها، من دون ان تستثني منها بطبيعة الحال ودائع الناس، التي تواصل وصفها بالمقدسة، الى جانب كل ملفات الفساد التي تغرق الدولة اللبنانية منذ سنوات، فيما المرتكبون على اشكالهم وانواعهم وانتماءاتهم يتربعون على الكراسي منذ عقود ويبشرون بكل وقاحة كل يوم بالاصلاح.
فليوم واحد فقط، وفي اطار المزايدات السياسية والتجارة الشعبوية ليس إلا، كرس هؤلاء وقتهم لقضية العدالة في انفجار مرفأ بيروت.
أما غدا، فيوم آخر بالنسبة اليهم، يعودون فيه الى المناكفات المعتادة، واللامسؤولية التقليدية، التي أدت على مدى ثلاثين عاما الى انهيار اقتصادي ومالي شامل، والى انفراط عقد الدولة بمؤسساتها كاملة، والى تشريد الشعب في اصقاع الارض، والى ضرب المتبقين بالسياسات العشوائية، وآخر مظاهرها الزيادات العشوائية على اسعار الاتصالات والانترنت.
اما اخطر ما في الامر، فسياسة تعميم الاتهام والمساواة بين الضحية والجلاد. فالمجرم عند هؤلاء تماما كالبريء، والمقصر والمهمل كمن قام بواجبه كاملا، والمتهرب من المثول امام القضاء تماما كمن احترم السلطة الثالثة، او طالب بالخضوع لها.
في الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ، الرحمة والصلاة للشهداء والضحايا، والمحبة للأهل والأحباء، والعزاء لشعب ضاق ذرعا بالحزن، ويعبر كل يوم اكثر من يوم، عن توقه الى الفرح.