في الساعات الاخيرة من عام 2023، وقبل ان تبدأ احتفالات اللبنانيين باستقبال السنة الجديدة، تراجع الاهتمام بكل الملفات السياسية، كالفراغ الرئاسي، والممارسات اللادستورية للحكومة، والتشريع الاستنسابي، فضلا عن سائر الملفات المالية والحياتية، ولم يبقَ في واجهة التداول السياسي المحلي الا عنوانا واحدا، هو الزيارة المرتقبة لمستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين لبيروت مطلع العام المقبل، في موعد قد يكون خلال الايام العشرة الاولى من سنة 2024، استكمالا لمساعي التوصل الى تسوية معينة على خط الجنوب. وفي هذا الاطار، تتكرر المعلومات المتداولة عن ان الوساطة الاميركية هدفُها تحقيقُ وقف لإطلاق النار، ضمن خطة ترتكز في المقابل على إنهاء النزاع حول 13 نقطة حدودية، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القسم اللبناني لبلدة الغجر. اما مصير مزارع شبعا في المشروع المتداول، فلا يبدو واضحاً بعد.
غير ان العام الجديد، ينطلق مثقلاً بالملفات العالقة على اختلافها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
اولاً، الاستحقاق الرئاسي المؤجل وبالتالي المؤسسات السياسية المترهلة، اي مجلس النواب والحكومة، ولاسيما بعد اعلان الرئيس نبيه بري اليوم عدم اطلاقه اي مبادرة، على عكس ما صرَّح به علناً نواب من جوه السياسي مراراً خلال الايام الماضية، وما سربته اوساط قريبة منه عبر الاعلام.
ثانياً، الوضع المالي، في ضوء النقاشات المحتدمة حول الموازنة، وما سيؤول اليه سعر الصرف، ومصير منصة صيرفة، واثر ذلك على رواتب القطاع العام، فضلاً عن الاصلاح الضائع وخطة النهوض الوهمية حتى الآن.
ثالثاً، الثقة بالدولة اللبنانية، التي يستحيل ان تستعاد من دون قضاء فاعل. وفي هذا الاطار، لفت اليوم تذكير القاضية غادة عون بمذكرتي الاحضار الصادرتين عن النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحق الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة. فبعد ظهوره في مأتم شقيقه في انطلياس، سألت مدعي عام جبل لبنان: الا يجب ان تنفذ هذه المذكرات الان والمعني معروف مكانه؟ وهل نحن بالفعل في دولة قانون؟ أم ان القانون ينفذ فقط على الضعيف الذي لا سند له؟ سؤال وضعته القاضية عون برسم الحكومة والمجلس النيابي والاجهزة الأمنية وكل مسؤول في هذا البلد.