مقدمة تلفزيون “أو تي في”
كلما تناقص عدد الايام الفاصلة عن موعد جلسة 9 كانون الثاني الرئاسية، كلما ازداد شك اللبنانيين بإمكان إجرائها، أو بالحد الأدنى، بإمكان توصلها إلى اختيار رئيس. أما الاسباب فكثيرة، ومنها:
أولاً، الاعتياد العام على الفراغ، الذي يتحمل مسؤوليته كلُّ من عطل انتخاب الرئيس الجديد منذ بدء المهلة الدستورية عام 2022 وحتى اليوم، على رغم الاخطار الكبرى، ومن قبِل بتسيير شؤون البلاد من خلال حكومة بعيدة عن الدستور وخارجة على الميثاق، مارست صلاحيات الرئاسة عن غير وجه حق، وجعلت من الموقع الاول في البلاد بمثابة لزوم ما لا يلزم في ذهن جزء كبير من الرأي العام.
ثانياً، التغيير غير المسبوق في المشهد الإقليمي، ولاسيما بعد السقوط المفاجئ للنظام السوري، وما أدى إليه من خلل كبير جداً في التوازن بين إيران المتراجعة من جهة، ومناوئيها الاقليميين والدوليين، الذين سجلوا نقاطاً كثيرة على حساب طهران في المرحلة الاخيرة، من جهة أخرى.
ثالثاً، الكلام الاميركي الصريح، أو المنقول عن أكثر من مصدر غربي، لناحية عدم القبول بعد اليوم برئيس لا يلتزم التوجهات الجديدة التالية لاتفاق وقف النار في لبنان بشكل كامل، والتي بات يُطلق عليها اصطلاحاً تسمية 1701 بلاس، أي بكلام آخر رفض ملء الفراغ الرئاسي بشخصية قريبة أو تدور في فلك الثنائي الشيعي، ولاسيما حزب الله.
رابعاً، الفرصة السانحة التي يجدها فريق لبناني وازن في التحولات الاخيرة في الداخل والمحيط، لمحاولة فرض معادلات سياسية جديدة، قد تكون من نوع غالب ومغلوب، في مقابل فريق آخر يدعو إلى التوافق، واستيعاب الصدمة، والاستعداد لإطلاق مرحلة جديدة في البلاد بالتعاون بين الجميع.
خامساً، النهَم الرئاسي التقليدي، الذي يعمي بصائر البعض، ويجعل من تفصيل الإسم الذي يشغل الكرسي الرئاسي أولوية مطلقة على حساب العناوين الكبرى، ومحورها حماية المجتمع والحفاظ على الوطن، ولاسيما في ضوء الاخطار التاريخية والمستجدة.
لكن، في انتظار اتضاح الصورة المحلية، يبقى الهم الأكبر إقليمي، ولاسيما سوري، لمعرفة هوية نظام الحكم الجديد، على وقع الاستفزاز الاسرائيلي غير المسبوق، وذروته اليوم الإعلان الرسمي عن قرار التوسع في بناء المستوطنات في الجولان المحتل.