وكأن اللبنانيين لا يعدمون وسيلة للانقسام.
عام 1920، انقسموا حول لبنان الكبير، وعام 1958 حول عبد الناصر وحلف بغداد.
عام 1975 فرقهم السلاح الفلسطيني، وعام 1976 التدخل السوري، وعام 1982 الاجتياح الإسرائيلي.
عام 1989 خلفهم اتفاق الطائف، وبين عامي 1990 و2005 الوصاية السورية، وبعد عام 2005 سلاح حزب الله، وإثر عام 2011 الأحداث في سوريا.
أما اليوم، فـ “وصلت مواصيلن” إلى فنزويلا.
فحول التطورات الداخلية في تلك البلاد البعيدة، وارتباطاتها الخارجية، صار في لبنان “ناس مع، وناس ضد”، ومن غير المستبعد، أن يخرج من المحللين، من يربط بين الوضع المتأزم في كاراكاس، والأزمة الحكومية في بيروت.
ما تقدم واقعي جدا، لكنه طبعا ليس كل الواقع. فاللبنانيون أيضا لم يعدموا يوما وسيلة للوحدة.
فسنة 1943 وحدهم الاستقلال، وفي ختام أحداث 1958 معادلة “لا غالب ولا مغلوب”، وسنة 2000 الانتصار على العدو، وسنة 2005 الحرية والسيادة والاستقلال، وسنة 2016 التسوية الوطنية، وخلاصتها إبقاء الخارج في الخارج، والتركيز على الداخل، من تكريس الميثاق إلى محاربة الفساد، لتمتين دعائم الدولة، بسيادتها وأمنها واقتصادها واستقرارها الديموغرافي.
وانطلاقا من هنا، لا يزال التعويل كبيرا على اعادة تحريك العجلة السياسية بإنجاز تشكيل الحكومة، لكن على الأسس السليمة المعروفة.
أما عجلة مكافحة الفساد بأشكاله المختلفة، فلن تنتظر الحكومة.
وفي هذا السياق، ثلاث مؤشرات في أقل من أربع وعشرين ساعة:
المؤشر الأول وزاري- أمني، عبر عنه أمس توقيف امبراطور المولدات في لبنان، بمتابعة من وزارة الاقتصاد وتنفيذ من جهاز أمن الدولة.
أما المؤشر الثاني فإداري، جسده طرد موظف فاسد من كازينو لبنان بقرار من رئيس مجلس الادارة ، ليبقى المؤشر الثالث أمني الطابع، حيث سجل اليوم انجاز جديد للمديرية العامة للجمارك، على جبهة محاربة آفة المخدرات في مطار بيروت الدولي.