شغلت سوريا حيزا بارزا من اهتمامات ومناقشات قمة بيروت الاقتصادية منذ شهرين، لجهة عودتها أو اعادتها إلى الجامعة العربية، في ظل اندفاعة عربية واضحة آنذاك باتجاه اعادة فتح السفارات في دمشق، وعودة الحرارة إلى الخطوط العربية- السورية، وصولا إلى دعوة الرئيس بشار الأسد إلى قمة تونس كتتويج تصاعدي معاكس للمسار الانحداري الذي بدأ العام 2011 مع اندلاع الحرب السورية. إلا أن الاندفاعة العربية توقفت بفعل نصائح أميركية، ظهرت مفاعيلها مباشرة بعد انتهاء قمة بيروت.
غدا تستضيف تونس القمة العربية الثلاثين، وتشكل سوريا فيها أيضا بندا محوريا في جدول أعمالها، لكن ليس من باب العودة إلى الجامعة العربية بل من باب تزوير التاريخ وتغيير الجغرافيا. فبعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لكيان محتل، انتقل دونالد ترامب إلى سوريا لنقل الجولان السوري إلى المحتل الاسرائيلي.
بعد اثنين وخمسين عاما على احتلال هضبة الجولان، وثمان وثلاثين سنة على قرار الكنيست الاسرائيلي ضم الجولان إلى الدولة العبرية، قرار أميركي بالاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، متجاوزا القرارات الدولية والأسس التي تقوم عليها عملية السلام، وخصوصا معادلة “الأرض مقابل السلام” التي تمسكت بها المبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت العربية العام 2002.
خلط الأوراق الحاصل، وضع الملف الايراني في قمة تونس في مرتبة وراء ملف سوريا وفلسطين والربيع العربي المستجد، وبمفعول رجعي، في الجزائر والسودان. ويأتي كلام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في الكونغرس، ليؤكد على المنحى الجديد للسياسة الأميركية في المنطقة، عندما أعلن أن خطة السلام الأميركية الآتية ستتخلى عن السياسات الأميركية السابقة، وستبنى على أساس الوقائع المستجدة والحقائق الجديدة على أرض المنطقة.
وإذا كانت قمة تونس ستكون قمة إعادة ترتيب الأولويات والتعامل مع خلط الأوراق في المنطقة، فإن لبنان يذهب إليها متمسكا بخياراته، متسلحا بثوابته: الوحدة الوطنية والتضامن العربي ومواجهة اسرائيل والتصدي للارهاب، والحوار والتسامح وتقبل الآخر، وهو ما سيكون عليه موقف لبنان على لسان رئيس جمهوريته غدا.
أما اليوم فسراج جديد يضيئه الحبر الأعظم البابا فرنسيس، على دروب المحبة والتواصل والحوار. فبعد زيارة إلى الامارات العربية في الخليج، زيارة إلى المغرب على المحيط، في ثاني زيارة يقوم بها رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى المغرب بعد محطة تاريخية للبابا القديس يوحنا بولس الثاني فيها العام 1985. من المحيط إلى الخليج، ربيع محبة وحوار يزهر بين المسلمين والمسيحيين.