قبل اثني عشر عاما، كان الظلام حالكا. ليس لأن لا إعلام في لبنان، ولا لأن وصاية خارجية ما كانت تحد من حرية الاعلام. فبحلول العشرين من تموز 2007، كان قد مضى عامان وأكثر على أفول عهد الوصاية… وصاية الخارج على لبنان. أما وصاية بعض الداخل على بعضه الآخر، فكانت المقاومة ضدها لا تزال في البدايات. يومها، كان الصوت شبه مخنوق، والصورة محجوبة بشكل كبير.
يعرضون ما يشاؤون، ويغيبون من يريدون. يقتطعون المواقف، يشوهون الحقائق، والحقيقة دائما الضحية الأولى.
يومها، ثمة شريحة لبنانية أساسية ووازنة اتخذت القرار الكبير. لم يكن سهلا الاقدام على المغامرة بتأسيس محطة تلفزيونية لبنانية جديدة عام 2007، مباشرة بعد حرب كبيرة تعرض لها الوطن، حرب تموز 2006، ووسط ظروف سياسية حادة التقلب، وحصار واضح على حالة وطنية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، عادت لتأخذ حجمها الطبيعي بعد خمسة عشر عاما من الإبعاد.
غير أن القرار اتخذ، ولم يكن بطبيعة الحال القرار الأول الذي يقال عن متخذيه “مجانين” أو “متهورين”. لكن الصوت لم يعد مخنوقا، ولا الصورة محجوبة. وبعد زوال وصاية الخارج، ذهبت وصاية بعض الداخل على بعضه الآخر إلى غير رجعة.
هذه هي بكل بساطة حكاية الOTV منذ “نورت… عن جد نورت”. فكانت على رغم الانتقادات والتجريح والظلم والتجني، وربما بعض الاخطاء التي لا يرتكبها إلا من لا يعمل، النصف المليء من كوب الحقيقة، ولولاها لبقي جزء كبير من المشهد في غياهب التعتيم والتناسي.
هذه هي حكاية الOTV بكل واقعية. أما حكاية موازنة 2009، فتلي أمس فصلها الأخير، تحت وابل من المزايدات والتناقضات والازدواجيات والشعبويات. لكن الواقع أن موازنة أقرت، وأن المعركة التي خيضت في مجلس الوزراء تحت مسمى “ورقة باسيل” وغيرها انتجت وأثمرت، وأن لجنة مال وموازنة نشيطة نجحت في اجتراح الحلول وتجاوز العثرات، ليبقى أن قوى سياسية رئيسية في البلاد مطالبة، والشعب مطالب بالضغط عليها، حتى تتنازل عن الامتيازات وتتخلى عن المحميات، وتتخذ القرار الجريء في مئوية لبنان الكبير عام 2020، باقرار موازنة تليق بشعب كبير، وباقتصاد كبير.